نام کتاب : التّوحيد نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 335
مما يدرك بالحواس ،
فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا
بداء ، والله يفعل ما يشاء ، وبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشية عرف صفاتها
وحدودها وأنشأها قبل إظهارها [١]
وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها ، وبالتقدير قدر أوقاتها [٢] وعرف أولها وآخرها ، وبالقضاء أبان
للناس أماكنها ودلهم عليها ، وبالإمضاء شرح عللها [٣] وأبان أمرها ، وذلك التقدير العزيز
العليم.
قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب أعانه
الله على طاعته : ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن
ذلك ، ولكن يجب علينا أن نقر لله عزوجل بأن له البداء ، معناه أن له أن يبدأ [٤] بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء [٥] ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره ،
أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه ، وذلك مثل
نسخ الشرايع وتحويل القبلة وعدة المتوفى عنها زوجها ، ولا يأمر الله عباده بأمر في
وقت ما إلا وهو يعلم أن الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك ، ويعلم أن في
وقت آخر الصلاح لهم في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به ، فإذا كان ذلك الوقت أمرهم
بما يصلحهم ، فمن أقر لله عزوجل بأن له أن يفعل ما يشاء ويعدم ما يشاء ويخلق مكانه
ما يشاء ، ويقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ويأمر بما شاء كيف شاء فقد أقر بالبداء ،
وما عظم الله عزوجل بشيء أفضل من الاقرار بأن له الخلق والأمر ، والتقديم ،
والتأخير ، وإثبات ما لم يكن ومحو ما قد كان ، والبداء هو رد على اليهود لأنهم
قالوا : إن الله قد فرغ من الأمر فقلنا :
[١] قوله : ( أنشأها
) على بناء الماضي عطف على عرف ، وفي أكثر النسخ على بناء المصدر فمع ما بعده
مبتدء وخبر.
[٢] في نسخة ( ب ) و
( ج ) و ( و ) و ( هـ ) ( قدر أقواتها ).