يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ بِسُوقِ عُكَاظٍ أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَ عُوا وَ احْفَظُوا مَنْ عَاشَ مَاتَ وَ مَنْ مَاتَ فَاتَ- وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ لَيْلٌ دَاجٍ وَ سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَ بِحَارٌ تُرَجْرِجُ[1] وَ نُجُومٌ تَزْهَرُ وَ مَطَرٌ وَ نَبَاتٌ وَ آبَاءٌ وَ أُمَّهَاتٌ وَ ذَاهِبٌ وَ آتٍ وَ ضَوْءٌ وَ ظَلَامٌ وَ بَرٌّ وَ آثَامٌ وَ لِبَاسٌ وَ رِيَاشٌ وَ مَرْكَبٌ وَ مَطْعَمٌ وَ مَشْرَبٌ إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَراً وَ إِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَراً مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ وَ لَا يَرْجِعُونَ- أَ رَضُوا بِالْمُقَامِ هُنَاكَ فَأَقَامُوا أَمْ تَرَكُوا فَنَامُوا[2] يُقْسِمُ بِاللَّهِ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ قَسَماً بِرّاً لَا إِثْمَ فِيهِ مَا لِلَّهِ عَلَى الْأَرْضِ دِينٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ دِينٍ قَدْ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ وَ أَدْرَكَكُمْ أَوَانُهُ طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ صَاحِبَهُ فَتَابَعَهُ[3] وَ وَيْلٌ لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَفَارَقَهُ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ-
فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ
مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِداً
لِلْمَوْتِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ
وَ رَأَيْتُ قَوْمِي نَحْوَهَا
تَمْضِي الْأَصَاغِرُ وَ الْأَكَابِرُ[4] لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيْكَ
وَ لَا مِنَ الْمَاضِينَ غَابِرٌ[5] أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ
حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرٌ
- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَرْحَمُ اللَّهُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ[6] فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ
[1] أي تحرك و اضطرب، و في جل النسخ: «تزخر»، و زخر البحر: طمى و تملا. و في البيان و التبيين للجاحظ «و نجوم تمور» أي تذهب و تجيء.
[2] في نقل الجاحظ «أم حبسوا فناموا».
[3] في نسخة و البحار: «فبايعه».
[4] في مروج الذهب و عقد الفريد «تمضى الاوائل و الأواخر».
[5] في المروج و العقد:
لا يرجع الماضى و لا
يبقى من الباقين غابر.
[6] في المطبوعة: «أمة واحدة».