responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأمالي - ط مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي نویسنده : السيد الشريف المرتضي    جلد : 1  صفحه : 20


فتتفق الآيتان على هذا التأويل ولا يختلف حكمهما وتكون الآية الأولى تتضمن ذكر الثعبان اخبارا عن غاية حال العصا وتكون الآية الثانية تتضمن ذكر الحال التي ولى موسى فيها هاربا وهي حال انقلاب العصا إلى خلقة الجان وإن كانت بعد تلك الحال انتهت إلى صورة الثعبان . . فان قيل على هذا الوجه كيف يصح ما ذكرتموه مع قوله تعالى فإذا هي ثعبان مبين وهذا يقتضي أنها صارت ثعبانا بعد الالقاء بلا فصل . . قلنا ليس تفيد الآية ما ظن وإنما فائدة قوله تعالى فإذا هي الاخبار عن قرب الحال التي صارت فيها بتلك الصفة وانه لم يطل الزمان في مصيرها كذلك ويجري هذا مجرى قوله تعالى ( أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ) مع تباعد ما بين كونه نطفة وكونه خصيما مبينا وقولهم ركب فلان من منزله فإذا هو في ضيعته وسقط من أعلا الحائط فإذا هو في الأرض ونحن نعلم أن بين خروجه من منزله وبلوغه ضيعته زمانا وانه لم يصل إليها الا على تدريج وكذلك الهابط من الحائط وإنما فائدة الكلام الاخبار عن تقارب الزمان وانه لم يطل ولم يمتد [ آية أخرى ] . . قال الله تعالى * ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) * . . وقد ظن [1] بعض من لا بصيرة له ولا فطنة عنده ان



[1] اعلم أن للمفسرين في هذه الآية قولين أحدهما ان ذلك الاخراج والاشهاد حقيقة واليه ذهب كثير من قدماء المفسرين كسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والضحاك وعكرمة والكلبي وابن عباس قالوا إن الله استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم فقررهم بتوحيده وأشهد بعضهم على بعض شهادتهم بذلك واقرارهم به واحتجوا لذلك بأحاديث كثيرة وردت من طرق متعددة يقوي بعضها بعضا منها ما روى مسلم بن يسار الجهني ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال صلى الله عليه وسلم ان الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذريته الحديث وروى علي عن ابن عباس في قوله تعالى وإذ أخذ ربك الآية قال ان الله تعالى خلق آدم ثم أخرج ذريته من صلبه مثل الذر فقال لهم من ربكم قالوا الله ربنا ثم أعادهم في صلبه حتى يولد كل من أخذ ميثاقه لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم إلى يوم القيامة أما المعتزلة وأصحاب المعقولات من المفسرين فإنهم جعلوا ذلك على سبيل التمثيل وقالوا انه تعالى أخرج الأولاد وهم الذرية من أصلاب آبائهم وذلك الاخراج انهم كانوا نطفة فاخرجها الله تعالى إلى أرحام الأمهات وجعلها علقة ثم مضغة ثم جعلهم بشرا سويا وخلقا كاملا ثم أشهدهم على أنفسهم بما ركب في عقولهم من دلائل وحدانيته وعجائب خلقته وغرائب صنعته فكأنه قررهم وقال ألست بربكم وكأنهم قالوا بلى أنت ربنا شهدنا على أنفسنا واعترفنا بوحدانيتك قالوا وباب التمثيل واسع في كلام الله ورسوله وكلام العرب وفي القرآن الكريم ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين . . وقال الشاعر امتلأ الحوض وقال قطني * مهلا رويدا قد ملأت بطني وطعنوا فيما ذهب إليه الفريق الأول بما بسطه المؤلف هنا وكل ما طعنوه به يمكن الجواب عنه . . أما قولهم إن المذكور في القرآن ان الله أخذ من بني آدم من ظهور هم لا من آدم ولا من ظهره وما روى أصحاب القول الأول يدل على أنه أخذ من آدم كما في الرواية التي سبق نقلها . . فالجواب عنه ان الله إنما أخرج من صلب كل رجل ذريته الا انهم لما كانوا جميعا من صلب آدم صح أن يقال إنه أخذهم من صلب آدم ومثل هذا الاستعمال سائغ لا مجال للطعن فيه . . وأما قولهم إنهم حين أخرجوا فان كانوا عقلاء مستوفين لشرائط التكليف لزم أن يذكروا ذلك حين وجودهم وان لم يكونوا عقلاء لم يكن للاشهاد معنى . . فالجواب عنه أن نختار انهم كانوا عقلاء ولا يلزم أن يذكروا ذلك حين وجودهم الآن فان النفس إنما تذكر حين ملابستها للبدن ما كان وقع لها حين ملابسته فأما ما وقع لها عند تجردها عن البدن والانقطاع عنه فلا تذكره ومثل هذا يقع لأصحاب الرياضات فقد يتفق لبعضهم وقت تتجرد فيه نفوسهم عن أبدانهم ويصدر عنهم حينئذ من الأقوال والافعال شئ كثير فإذا عادت نفوسهم إليهم لم يذكروا شيئا مما كان منهم ولهذا أسباب ليس هذا محل بسطها إنما الغرض أن نبين ان النفس إنما تذكر عند ملابسة البدن ما يقع لها في مثل ذلك الحال وإذا جاز أن تفارق النفس البدن زمنا طفيفا ثم لا تذكر عند العود إلى البدن ما كان منها عند المفارقة فكيف لها أن تذكر ما كان لها قبل أن يخلق البدن بآلاف من السنين . . هذا أقوى ما احتجوا به على ابطال قول الفريق الأول . . ثم اعلم بعد هذا ان ما ذهب إليه الفريق الثاني لا يبطل قول الفريق الأول ولا هو مستنكر في ذاته والتمثيل غير منكر في كلام أي كلام كان من كلام الخالق أو البشر وكما أمكن حمل الآية على التمثيل يمكن حمل الأحاديث فإنها غير صريحة في أن الاخراج حقيقة وإنما دعواهم ان المعنى الحقيقي غير ممكن ارادته ودعوى ان ذلك باطل شرعا وعقلا مما ننكره ونأباه وليس فيه الا تغليب الرأي والوهم على ظاهر الكتاب والسنة كما هي عادة المتكلمين .

نام کتاب : الأمالي - ط مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي نویسنده : السيد الشريف المرتضي    جلد : 1  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست