نام کتاب : الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 87
لا يمكنه دفعه إلا بإدخال بعض الالام عليه، و القديم تعالى يقدر على دفع كل ضرر من غير أن يدخل عليه ألما، فلم يحسن لذلك.
و الصحيح أن القديم تعالى لا يفعل ألما لا في المكلفين و لا في غيرهم في دار التكليف إلا إذا كان فيه غرض يخرجه من كونه ظلما أو عوض يخرجه من كونه عبثا، و لا يجوز أن يفعل الألم لمجرد العوض، لان مثل العوض يحسن الابتداء به و لا يجوز أن يفعله لأجل العوض.
و يفارق ذلك الثواب، لان الثواب يستحق على وجه من التعظيم و الإجلال و لا يحسن الابتداء بمثله، و ليس كذلك العوض لأنه مجرد المنافع. و لذلك لا يحسن منا أن نستأجر غيرنا لينقل الماء من نهر الى نهر و لا عوض لنا فيه غير إيصال الأجرة اليه، و كذلك لا يحسن أن يوافقه على أن يضربه [و يعطيه عوضا من ضربه] [1] لا لغرض غير إيصال العوض اليه، و معلوم ضرورة قبح ذلك.
و ليس لأحد أن يقول: الاستحقاق له مزية على التفضل في الشاهد فجاز أن يفعل لذلك الألم، لأن الاستحقاق انما يكون له مزية في الشاهد لما يلحق المتفضل عليه من الانفة و ان تميز المتفضل عليه بذلك أو يلحقه بعض الغضاضة، و لذلك يختلف باختلاف أحوال المتفضل من جلاله و عظم قدره، و كل ذلك مفقود مع اللّه تعالى، فلا مزية للاستحقاق على التفضل من جهته.
فأما من قال الألم لا يحسن الا للاستحقاق من البكرية و التناسخية، حتى قالت البكرية ان الأطفال و البهائم لا تألم أصلا لما رأت انها غير مكلفة، و قالت التناسخية انه قد كان لهم فيما مضى زمان تكليف، فما ينالهم من الالام في هذا الوقت فباستحقاقهم لما عصوا في ذلك الوقت. و الذي يدل على فساد قول الفريقين ما قدمناه من أنه يحسن الالام للمنافع الموفية عليها و لدفع ضرر أعظم منها،