نام کتاب : الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 110
و الدليل على أن الفعل الشاق من الواجب و الندب يستحق به الثواب هو أنه لا فرق في العقول بين إلزام المشاق و بين إدخال المضار، فلما كان إلزام المضار لم يحسن الا للنفع- و لا بد في ذلك النفع من أن يكون عظيما وافرا حتى يحسن إلزام المشاق لأجله و لا يجوز أن يكون ذلك النفع مدحا و لا عوضا لان نفس المدح ليس بنفع و انما ينتفع بالسرور الذي يتبعه، و ما يتبعه من السرور لا يبلغ الحد الذي مقابل ما في فعل الواجب و الامتناع من القبيح من المشاق العظيمة، و ذلك معلوم ضرورة. على أن السرور هو اعتقاد وصول المنافع إليه في المستقبل، سواء كان علما أو ظنا أو اعتقادا، و متى رفعنا المنافع عن أوهامنا فلا سرور يعقل.
و أما العوض هو خال من تعظيم و تبجيل، و يحسن الابتداء بمثله، و من حق ما يستحق على الطاعة أو يقارنه التعظيم، على أن من حق العوض أن يستحق بفعله من يستحق عليه العوض. و هذا لا يصح ههنا، لأن الطاعة من فعلنا و الثواب يستحق عليه تعالى. و لا يجوز أن يكون المستحق عوضا، و إذا كان الملزم للواجب و جاعله شاقا هو اللّه تعالى وجب أن يستحق الثواب عليه دون غيره.
و إذا ثبت استحقاق الثواب فليس في العقل ما يدل على أنه يستحق دائما، و انما يرجع في ذلك الى السمع، و أجمعت الأمة على أن الثواب يستحق دائما لا خلاف بينهم فيه.
و كل دليل يستدل به على دوام الثواب عقلا فهو معترض، قد ذكرنا الاعتراض عليه في شرح الجمل لا نطول بذكره ههنا. و جملته أنهم قالوا الثواب يستحق بما يستحق به المدح، و إذا كان المدح يستحق دائما وجب في الثواب مثله. و قوى ذلك بأن قالوا ما أزال المدح أزال الثواب، فدل على أن جهة الاستحقاق واحدة، فإذا كان أحدهما دائما وجب أن يكون الأخر مثله.
و هذا غير صحيح، لأنا لا نسلم أن جهة الاستحقاقين واحدة. ألا ترى
نام کتاب : الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 110