وأخذَهم الحرُّ بالنُّزولِ في ذلكَ المكانِ على غيرماءٍ ولا قريةٍ ، فقالَ له الحسينُ 7 : « دَعْنا ـ ويحك ـ ننزل في هذه القريةِ أوهذه ـ يعني نينَوَى والغاضِريّةَ ـ أو هذه ـ يعني شِفْنَةَ [٢] ـ » قالَ : لا واللّهِ ما أستطيعُ ذلكَ ، هذا رجل قد بُعِثَ اليّ عيناً عليّ ، فقالَ له زُهَيرُ بنُ القَيْنِ : إِنِّي واللّهِ ما أراه يكونُ بعدَ هذا الّذي تَرَوْنَ إِلا أَشدَّ ممّا تَرَوْنَ ، يا ابنَ رسولِ اللّهِ ، إِنّ قتالَ هؤلاءِ السّاعةَ أهونُ علينا من قتالِ من يأْتينا بعدَهم ، فلعَمْري لَيَاْتيَنا بعدَهم ما لا قِبلَ لنا به ، فقالَ الحسين 7 : «ما كنتُ لأَبدأهم بالقتالِ » ثمّ نزل ؛ وذلكَ يومَ الخميسِ وهو اليوم [٣] الثّاني منَ المحرّمِ سنةَ إِحدى وستَينَ.
فلمّا كانَ منَ الغدِ قدمَ عليهم عُمَرُبنُ سَعْدِ بنِ أبي وَقّاصٍ منَ الكوفةِ في أربعةِ آلافِ فارسٍ ، فنزلَ بنينوى وبعثَ إِلى الحسينِ 7 ( عُروةَ بنَ قَيْسٍ ) [٤] الأحمسيّ فقالَ له : ائتِهِ فسَلْه ما الّذي جاءَ بكَ؟ وماذا تريدُ؟
وكانَ عُروةُ ممّن كتبَ إلى الحسينِ 7 فاستحيا منه أن ياْتيَه ، فعرضَ ذلكَ على الرؤَساءِ الّذينَ كاتبوه ، فكلّهم