الحالِ فقالَ : أَخرِجوه إِلى السُّوقِ فاضربوا عنقَه. فأخرِجَ هانئ حتّى انتهِيَ به إِلى مكانٍ منَ السُّوقِ كانَ يُباعً فيه الغنمُ ، وهو مكتوفٌ ، فجعلَ يقولُ : وامَذْحِجَاه! ولا مَذْحِجَ لي اليومَ ، يا مَذْحِجَاه! يا مَذْحِجَاه! وأَينَ مَذْحِجُ؟! فلمّا رأَى أنّ أحداً لا ينصرُه جَذبَ يدَه فنزعَها مِنَ الكِتافِ ، ثمّ قالَ : أَما من عصاً أَوسِكِّين أوحجرٍ أَو عظمٍ يُحاجِزُ به رجلٌ عن نفسِه؟ وَوثبوا إِليه فشدُّوه وَثاقاً ، ثمّ قيلَ له امدُدْ عُنقَكَ ، فقالَ : ما أَنا بها سخيٌّ ، وما أَنا بمُعِينكم على نفسي ، فضربَه مولىً لعُبيدِاللّهِ ـ تركيٌ يقُالُ له رُشَيد ـ بالسّيفِ فلم يَصنعْ شيئاً ، فقالَ هانئ : إِلى اللهِ المعَادُ ، اللّهمّ إِلى رحمتِكَ ورضوانِكَ ؛ ثمّ ضربَه أُخرى فقتلَه.
وفي مسلمِ بنِ عقيلٍ وهانئ بن عروة ـ رحمة الله عليهما ـ يقولُ عبدُاللهّ بن الزّبيرِ الأَسديّ :
إِنْ كُنْتِ لا تَدْرِيْنَ مَا اْلمَوْتُ فَانْظُري
إِلى هانئ فِيْ السُّوْقِ وَابْنِ عَقِيْلْ
إِلى بَطَلٍ قَدْ هَشَّمَ السَّيْفُ وَجْهَه
وآخَرَ يَهْوِيْ مِنْ طَمَارِ [١] قَتِيْلُ
أصابَهما أَمْرُ الأَمِيرِ فأَصْبَحَا
أحَادِيْثَ مَنْ يَسْرِيْ بكُلِّ سَبِيْلِ
تَرَيْ جَسَدَاً قَدْ غَيَّرَاْلموتُ وَجْههُ [٢]
ونَضْحَ دَم قَد ْسَالً كُلَّ مَسِيْلِ
فَتَىً هُوَ أَحْيَا مِنْ فَتَاةٍ حَيِيّة
وأقْطَع مِنْ ذًيْ شَفْرَتَيْنِ صَقِيْلٍِ
أيَرْكَبُ أسْمَاءُ [٣] الْهَمَالِيْجَ [٤] امِنَا
وَقَدْ طَلَبَتْهُ مَذحِجٌ بِذُحُوْلًِ
[١] في هامش «ش» و «م» : يقال هوى فلان من طَمَارِ اذ سقط من مكان عال. قال الاصمعي : انصب عليه من طمار اي من مكان عال مثل قَطام.
[٢] في «م» وهامش «ش» : لونه.
[٣] هو أسماء بن خارجة أحد الثلاثة الذين ذهبوا بهانئ إلى ابن زياد.
[٤] الهملاج : من البراذين الحسنة السير في سرعة وبخترة. «تهذيب اللغة ـ هملج ـ ٦ : ٥١٤ ، لسان العرب ٢ : ٣٩٣».