فتَحَيَّرَيحيى بن أَكثم وبانَ في وجهه الْعَجْزُ والانقطاعُ ولَجْلَجَ حتى عَرَفَ جمَاعَةُ أَهْلِ المجلس أمْرَه ، فقالَ المأمونُ : الحمدُ لله على هذه النعمة والتوفيقِ لي في الرأْي. ثم نَظَرَ إِلى أَهْلِ بَيْتِه وقالَ لهم : أَعَرَفتمُ الآنَ ما كُنْتُم تُنْكِرُونَه؟
ثم أَقْبَلَ على أَبي جعفر 7 فقالَ له : أَتَخْطُب يا أَبا جعفر؟ قالَ : «نعم يا أميرَ المؤمنين » فقالَ له المأمونُ : اُخْطُبْ ، جُعِلْتُ فداكَ لِنَفْسِكَ ، فقد رَضيتُكَ لِنَفْسي وأَنا مُزَوِّجُكَ أُمَّ الفَضْل ابَنتي وِان رَغَمَ قومٌ لذلك.
فقال أَبو جعفر 7 : «الحمد للهّ إِقراراً بنعمتِه ، ولا إِلهَ إلا اللّه إِخْلاصاً لوَحْدانِيتهِ ، وصَلىّ اللّهُ على محمّدٍ سيِّدِ بَرِيَّتِه والأصْفياءِ من عترتهِ.
أَمّا بَعْدُ : فقد كانَ من فَضْل اللّه على الأنام أَنْ أَغناهُم بالحلالِ عن الحَرامِ ، فقالَ سُبْحانَه : (وَأَنكَحُوا الأيَامىَ مِنْكُمْ وَألصّالحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَليمٌ )[١] ثمَّ إِنَّ محمّد بن عليّ بن موسى يَخْطُبُ أُمَّ الفَضْلِ بنْتَ عبداللهِّ المأمونِ ، وقد بَذَلَ لها من الصداقِ مَهْرَ جَدَّتِه فاطمة بنت محمّد 8 وهو خمسمائة درهم جياداً ، فهَلْ زَوَّجْتَه يا أَميرَ المؤمنين بها على هذا الصداقِ المذكور؟ ».