باب
ذكر الإمامِ بعدَ عليِّ بنِ الحسينِ عليهما السلامُ ،
وتاريخ مولدِه ، ودلائلِ إِمامتِه ، ومبلغ سنَّه ،
ومدّة خلافتِه ، ووقت وفاتِه وسببها ،
وموضع قبرِه ، وعدد أولادِه ، ومختصر من أخبارِه
وكانَ الباقرُ أَبو جعفرٍ محمّدُ بنُ عليِّ بنِ الحسينِ : من بينِ إِخوته خليفةَ أَبيه علي بنِ الحسينِ ووصيه والقائمَ بالإمامةِ من بعدِه ، وبرز على جماعتِهم بالفضلِ في العلمِ والزُهدِ والسؤْدَدِ ، وكانَ أَنبهَهم ذِكراً وأَجلَّهم في العامّةِ والخاصّةِ وأَعظمَهم قدراً ، ولم يَظهْر عن أَحدٍ من ولدِ الحسن والحسينِ 8 من علم الدِّينِ والأثارِ والسُّنّةِ وعلمِ القرانِ والسيرِ وفنونِ الأداب ما ظهرَ عن أَبي جعفرٍ 7 ، وروى عنه معالمَ الدِّينِ بقايا اَلصّحابةِ ووجوهُ التّابعينَ ورؤساءُ فقهاءِ المسلمينَ ، وصارَ بالفضلِ به عَلَماً لأهلِه تُضْرَبُ به الأمثالُ ، وتَسيرُ بوصفِه الأثارُ والأشعارُ؛ وفيه يقول القُرظيُّ :
يَابَاقِرَ الْعِلْمِ لاهْلِ التُّقَى
وَخَيْرَمَنْ لبى على الأجبُلِ (١)
وقالَ مالكُ بنُ أَعيَنَ الجُهَنيّ فيه :
إذَا طَلَبَ النَاسُ عِلْمَ الْقُرَا
نِ كَانَتْ قُرَيْش عَلَيْهِ عِيَالا
وَإنْ قِيْلَ : أيْنَ ابْنُ بِنْتِ الَّنب
يِ؟ نِلْتَ بِذَاكَ فُرُوْعَاً طِوَالا
[١] سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٣ ، مختصر تاريخ دمشق ٢٣ : ٧٨.