الرُّجوع ، وسايرْتُكَ في الطَريقِ ، وجَعْجَعْتُ بكَ في هذا المكانِ ، وما ظننتُ انَّ القومَ يَرُدُّونَ عليكَ ماعَرَضْتَه عليهم ، ولايَبلُغونَ منكَ هذه المنزلَة ، واللهِّ لو علمتُ أنّهم يَنتهونَ بكَ إِلى ما أرى ما رَكِبْتُ منكَ الّذي رَكِبْتُ ، وِانِّي تائبٌ إِلى اللهِ تعالى ممّا صنعتُ ، فترى لي من ذلكَ توبةً؟ فقالَ له الحسينُ 7 : «نَعَمْ ، يتوبُ اللّهُ عليكَ فانزِلْ » قالَ : فأنا لكَ فارساً خيرٌ منِّي راجلاً ، أقُاتِلهُم على فرسي ساعةً ، والى النُّزول ما يَصيرُ اخرُ أمري. فقالَ له الحسينُ 7 : «فاصنعْ ـ يَرحمَكَ اللهُّ ـ ما بدا لكَ ».
فاستقدمَ أمامَ الحسينِ 7 ثمّ أنشأ رجلٌ من أصحاب الحسينِ 7 يقولُ :
لَنِعْمََ الْحُرُّ حُرّ بَنِيْ رِيَاح
وَحُرّ عِنْد َمُخْتَلَفِ الرِّمَاحِ
وَنِعْمَ الْحُرُّ إِذْ نَادَى حُسَينٌ
وَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ
ثمّ قالَ [١] : يا أهلَ الكوفةِ ، لأمِّكم الهَبَلُ والعَبَرُ ، أدَعَوْتُم هذا العبدَ الصّالحَ حتّى إِذا أتاكم أسلمتموه ، وزعمتُم أنّكم قاتلو أنفسِكم دونَه ثمّ عَدَوْتُم عليه لِتقتلوه ، أمسكتم بنفسِه وأخذتم بكظمِه [٢] ، وأحَطْتم به من كلِّ جانبِ لتِمنعوه التّوجُّهَ في بلادِ اللّهِ العريضةِ ، فصارَ كالأسير في أَيديكم لاَ يَملكُ لِنفسِه نفعاً ولا يَدفعُ عنها ضَرّاً [٣] ، وحَلأتمُوه [٤] ونساءه وصِبْيتَه وأهله عن ماءِ الفراتِ
[١] اي الحر عليه الرحمة.
[٢] يقال : اخذت بكظمه أي بمخرج نفسه «الصحاح ـ كظم ـ ٥ : ٢٠٢٣».
[٣] في «م» وهامش «ش» : ضرراً.
[٤] حلأه عن الماء : طرده ولم يدعه يشرب «الصحاح ـ حلأ ـ ١ :٤٥».