وأمّا بناءً على التبعيض في الاحتياط، فلا بدّ
للتبعيض في الاحتياط من أن تتمّ مقدّمات الانسداد عند العامّي، وإلاّ فمع عدم
تماميّتها کيف يمکن له التبعيض؟ ولکنّ، کلّ مقدّمةٍ يعرفها بالوجدان فهو، وإلاّ
فلا بدّ وأن يرجع إلى العالم فيقلّد المجتهد في هذه المقدّمة.
أمّا
المقدّمة الأولى: وهو
العلم الإجمالي بوجود تکاليف في الشريعة، فأغلب العوام يعرفها بالوجدان، وإذا فرض
شخص جديدُ الإسلام من برّ أفريقيا مثلًا، ولا يعرفها بالوجدان، فلا بدّ وأن يرجع
إلى المجتهد فيسأل عن الأحکام؛ فيخبره هو إذن بوجود التکاليف الموجودة بالعلم
الإجمالي، فيکون هذا الإخبار حجّةً عليه. ولا فرق بين أن يکون المخبَر به ـ وهو
العلم الإجمالي في المقام ـ أوسع دائرةً، وبين سائر موارد إخبارات المجتهد عند
علمه الإجمالي؛ کما يخبر العامّي في يوم الجمعة بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة، فکما
يکون هذا حجّةً، فکذلک ذاک.
ثمّ
في عدم جواز الإهمال لا يحتاج إلى التقليد؛ لأنّه بعد فرض ثبوت التکاليف، يعرف کلّ
أحد أنّه لا يجوز للشارع أن يُهملَ المکلّفين.
ثمّ
في المقدّمة الثانية: وهو وجوب الاحتياط، لا بدّ وأن يقلّد أيضًا؛ إذ وجوب
الاحتياط عند العلم الإجمالي ليس من الأمور البديهيّة، بل من المختلف فيه بين
الأعلام؛ فالغالب ذهبوا إلى وجوبه، والمحقّق القمّي ذهب إلى عدم وجوبه[1]، بل اللازم عند العلم الإجمالي هو
الموافقة الاحتمالية. ثمّ في حکمه عند عدم التمکّن من
[1]ـ قوانين الأصول، الطبعة الحجريّة، ج 2، المقصد الثاني، القانون الثاني، ص 37؛ طبع إحياء الکتب
الإسلاميّة، ج 3، ص 95.