از اين خطبه است:
يَدَّعِي بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُو اللَّهَ كَذَبَ وَ الْعَظِيمِ- مَا بَالُهُ لَا يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ- فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ- وَ كُلُّ رَجَاءٍ إِلَّا رَجَاءَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ- وَ كُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ إِلَّا خَوْفَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ- يَرْجُو اللَّهَ فِي الْكَبِيرِ وَ يَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ- فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا لَا يُعْطِي الرَّبَّ- فَمَا بَالُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ بِهِ لِعِبَادِهِ- أَ تَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً- أَوْ تَكُونَ لَا تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً- وَ كَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ- أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لَا يُعْطِي رَبَّهُ- فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً- وَ خَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِمَاراً وَ وَعْداً- وَ كَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ- وَ كَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ آثَرَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى- فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا وَ صَارَ عَبْداً لَهَا وَ قَدْ كَانَ فِي؟ رَسُولِ اللَّهِ ص؟ كَافٍ لَكَ فِي الْأُسْوَةِ- وَ دَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَ عَيْبِهَا- وَ كَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَ مَسَاوِيهَا- إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا وَ وُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا- وَ فُطِمَ عَنْ رَضَاعِهَا وَ زُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا وَ إِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ؟ بِمُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ص؟ إِذْ يَقُولُ- رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ- وَ اللَّهِ مَا سَأَلَهُ إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُهُ- لِأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ- وَ لَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرَى مِنْ شَفِيفِ صِفَاقِ بَطْنِهِ- لِهُزَالِهِ وَ تَشَذُّبِ لَحْمِهِ وَ إِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ؟ بِدَاوُدَ ص؟ صَاحِبِ الْمَزَامِيرِ- وَ قَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ- فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِهِ- وَ يَقُولُ لِجُلَسَائِهِ أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا- وَ يَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيرِ مِنْ ثَمَنِهَا وَ إِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي؟ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع؟- فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ- وَ يَلْبَسُ الْخَشِنَ وَ يَأْكُلُ الْجَشِبَ- وَ كَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ وَ سِرَاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ- وَ ظِلَالُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا- وَ فَاكِهَتُهُ وَ رَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ- وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ وَ لَا وَلَدٌ يَحْزُنُهُ- وَ لَا مَالٌ يَلْفِتُهُ وَ لَا طَمَعٌ يُذِلُّهُ- دَابَّتُهُ رِجْلَاهُ وَ خَادِمُهُ يَدَاهُ فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ ص- فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وَ عَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى- وَ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ- وَ الْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ- قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً