لف و نشر
(لم يكن نصره و خذلانه بكثرة و لا بقلّة) نشر على ترتيب
اللّف (و هو دين اللَّه الذي أظهره) أي
جعله غالبا على سائر الأديان بمقتضى قوله: ليظهره على الدّين كلّه و لو كره
المشركون، و في الاتيان بالموصول زيادة تقرير للغرض المسوق له الكلام و هو ربط جاش
عمرو سائر من حضر، و إزالة الخور و الفشل عنهم.
و لهذا الغرض
أيضا عقّبه بقوله (و جنده الذي أعدّه و أمدّه) أى هيّأه أو جعله
عزيزا و أعطاه مددا و كثرة (حتّى بلغ ما بلغ) من العزّة و الكثرة (و طلع
حيث ما طلع) أي ظهر في مكان ظهوره و انتشر في الآفاق، أو طلع من مطلعه أى أقطار
الأرض و أطرافها، أو أنّه علا مكان علوّه و المحلّ الذي ينبغي أن يعلى عليه، و على
أيّ تقدير فالاتيان بالموصول في القرينة الاولى أعنى قوله: بلغ ما بلغ، و ابهام
مكان الطلوع في هذه القرينة على حدّ قوله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ
الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.
قال أبو
نواس:
و لقد نهزت مع الغواة بدلوهم
و اسمت سرح اللحظ حيث أساموا
و بلغت ما بلغ امرء بشبابه
فاذا عصارة كلّ ذاك اثام
ثمّ أكّد
تقوية قلوبهم و تشديدها بقوله (و نحن على موعود من اللَّه) أى وعدنا
النصر و الغلبة و الاستخلاف بقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى
لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً.
و عقّبه
بقوله (و اللَّه منجز وعده و ناصر جنده) من باب الايغال الذي
قدّمنا ذكره في ضمن المحسّنات البديعيّة من ديباجة الشّرح، و قد كان المعنى يتمّ
دونه لظهور أنّ اللَّه منجز لوعده لا محالة، لكن في الاتيان به زيادة تثبيت
لقلوبهم و تسكين لها.
ثمّ قال:
التشبيه المؤكد بحذف الأداة (و مكان القيّم بالأمر) أى الامراء
و الولا (مكان النظام من الخرز) و هو من التشبيه المؤكد بحذف الأداة،
و الغرض به تقرير حال المشبّه و وجه الشبّه