الشّتاء) أى
مكمنه من البرد (مشارق الأرض) في
الضّحى (و مغاربها) في
المساء استعاره (و فاكهته و ريحانه ما تنبت الأرض للبهائم) و استعارة الفاكهة و الرّيحان لما تنبت باعتبار التذاذ ذوقه و شمّه
به كالتذاذ غيره بالفواكه و الرّياحين (و لم تكن له زوجة
تفتنه و لا ولد يحزنه و لا مال يلفته) أى يلويه و يصرفه عن ذكر
اللّه (و لا طمع يذلّه) أى
يوقعه في الذّلّة و الهوان (دابّته رجلاه و خادمه
يداه) أى انتفاعه بهما كما ينتفع غيره بالدّابة و الخادم.
و اعلم أنّ
ما وصف 7 به عيسى فقد روى عنه 7 نحوه في عدّة الدّاعي قال:
و أمّا عيسى روح اللّه و كلمته فانّه كان يقول: خادمى يداي و دابّتي رجلاى و فراشي
الأرض و وسادي الحجر و دفئي في الشّتاء مشارق الأرض و سراجي باللّيل القمر و ادامي
الجوع و شعارى الخوف و لباسي الصّوف و فاكهتي و ريحاني ما أنبتت الأرض للوحوش و
الأنعام، أبيت و ليس لي شيء، و أصبح و ليس لي شيء، و ليس على وجه الأرض أحد أغنى
منّي و رواه مثله في البحار من ارشاد القلوب إلّا أنّ فيه بدل مشارق الأرض مشارق
الشّمس، و بدل ريحاني ريحانتي.
و في عدّة
الدّاعي عن أبي عبد اللّه 7 قال: في الانجيل إنّ عيسى قال:
اللّهمّ
ارزقني غدوة رغيفا من شعير رعشيّة رغيفا من شعير و لا ترزقني فوق ذلك فاطغى.
أقول: و ان
شئت فاتّبع ذكر حال هؤلاء الأنبياء الأكرمين بذكر حال غيرهم من الأنبياء و
المرسلين.
و اذكر نوحا
نجيّ اللّه فانّه مع كونه شيخ المرسلين و قد روي أنّه عاش ألفى عام و خمسمائة عام،
و عمّر في الدّنيا مديدا، مضى منها و لم يبن فيها بيتا، و كان إذا أصبح يقول لا
امسى و إذا أمسى يقول لا أصبح.
و انظر إلى
أبي الأنبياء إبراهيم خليل الرّحمن فقد كان لباسه الصّوف و طعامه الشّعير.
ثمّ انظر إلى
يحيى بن زكريا كان لباسه اللّيف و أكله ورق الشّجر.