بسبب رقّته لم يكن حاجبا عن إدراك البصر
لما ورائه و ذلك (لهزاله و تشذّب لحمه) أى تفرّقه قال في عدّة الدّاعي: و يروى أنّه أى موسى 7
قال يوما يا ربّ إنّي جائع فقال اللّه أنا أعلم بجوعك، قال: يا ربّ أطمعني قال:
إلي أن اريد.
و فيما أوحى
إليه 7 يا موسى الفقير من ليس له مثلي كفيل، و المريض من ليس له مثلي
طبيب، و الغريب من ليس له مثلي مونس قال: و يروى حبيب، يا موسى ارض بكسرة من شعير
تسدّ بها جوعتك، و بخرقة توارى بها عورتك، و اصبر على المصائب، و إذا رأيت الدّنيا
مقبلة عليك فقل: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ عقوبة قد
عجلت في الدّنيا، و إذا رأيت الدّنيا مدبرة عنك فقل: مرحبا بشعار الصّالحين، يا
موسى لا تعجبنّ بما اوتى فرعون و ما تمتّع به فانّما هي زهرة الحياة الدّنيا.
(و إن شئت
ثلّثت بداود) بن أيش من أولاد يهودا سمّى به لأنّه داوي جرحه بودّ و قد قيل: داوى
ودّه بالطّاعة حتّى قيل عبد، رواه في البحار من معانى الأخبار و غيره (صاحب
المزامير) قال الفيروزآبادي: مزاميره ما كان يتغنّى به من الزّبور و قال
الشّارح المعتزلي: يقال: إنّ داود اعطى من طيب النّغم و لذّة ترجيع القراءة ما كان
الطّيور لأجله تقع عليه و هو في محرابه، و الوحش تسمعه فيدخل بين النّاس و لا تنفر
منهم لما قد استغرقها من طيب صوته.
و في البحار
من الامالي عن هشام بن سالم عن الصّادق 7 في الحديث الآتي و كان إذا
قرء الزّبور لا يبقى جبل و لا حجر و لا طائر و لا سبع إلّا جاذبه (و) لعلّه لطيب
صوته كان (قاري أهل الجنّة فلقد كان يعمل سفائف الخوص) أي نسايج
ورق النّخل (بيده و يقول لجلسائه أيّكم يكفيني بيعها و يأكل قرص الشّعير من
ثمنها) قال في البحار: لعلّ هذا كان قبل أن ألان اللّه له الحديد.
و روي فيه من
تفسير عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا
يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ أى سبّحى للّه وَ الطَّيْرَ وَ
أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ قال: كان داود إذا مرّ في البرارى يقرأ
الزّبور يسبّح الجبال و الطّير معه و الوحوش و ألان اللّه