ثمّ وصفه سبحانه بكمال الاقتدار فقال (و أخذت بالنّواصي و الأقدام) أى
أحاطت قدرتك بنواصى
العباد و أقدامهم، و أخذت بها على وجه القهر و الاذلال، و يجوز أن يكون المراد به
خصوص أخذ المجرمين بنواصيهم و أقدامهم يوم القيامة كما قال تعالى:
قال الفخر
الرّازي في تفسير الآية الاولى: و في كيفيّة الأخذ ظهور نكالهم لأنّ في نفس الأخذ
بالنّاصية إذلالا و إهانة، و كذلك الأخذ بالقدم.
و في الأخذ
بها و جهان بل قولان لأهل التّفسير.
أحدهما أن
يجمع بين ناصيتهم و قدمهم من جانب ظهورهم فيربط بنواصيهم أقدامهم أو من جانب
وجوههم فتكون رؤوسهم على ركبهم و نواصيهم في أصابع أرجلهم مربوطة.
و الثاني
أنّهم يسحبون سحبا، فبعضهم يؤخذ بناصيته، و بعضهم يجرّ برجله استفهام تحقيرى ثمّ
استفهم على سبيل الاستحقار لما استفهم عنه فقال (و ما الّذي نرى
من خلقك) أى من مخلوقاتك على كثرتها و اختلاف أجناسها و أنواعها و هيئاتها و
مقاديرها و خواصّها و أشكالها و ألوانها إلى غير هذه من أوصافها و حالاتها الّتي
لا يضبطها عدّ و لا يحيط بها حدّ (و نعجب له من قدرتك) أى من مقدوراتك
الغير المتناهية عددا و مددا و كيفا و كمّا (و نصفه من عظيم سلطانك) النّافذ في
الأنفس و الآفاق، و الماضي في أطباق الأرض و أقطار السّماء (و) الحال أنّ (ما تغيّب
عنّا