قال الاعرابي
في كتاب إكمال الاكمال ناقلا عن بعض علمائهم إنّ رؤيته تعالى جايزة في الدّنيا
عقلا، و اختلف في وقوعها و في أنّه هل رآه النبيّ 6
ليلة الاسرى أم لا، فأنكرته عايشة و جماعة من الصّحابة و التّابعين و المتكلّمين،
و أثبت ذلك ابن عباس، و قال: إنّ اللّه اختصّه بالرّؤية و موسى بالكلام و إبراهيم
بالخلّة، و أخذ به جماعة من السّلف، و الأشعريّ، و جماعة من أصحابه و ابن حنبل و
كان الحسن يقسم لقد رآه، و قد توقّف فيه جماعة، هذا حال رؤيته في الدّنيا.
و أمّا رؤيته
في الآخرة فجايزة عقلا، و أجمع على وقوعها أهل السّنة و أحالها المعتزلة و المرجئة
و الخوارج، و الفرق بين الدّنيا و الآخرة أنّ القوى و الادراكات ضعيفة في الدّنيا
حتّى إذا كانوا في الآخرة و خلقهم للبقاء قوى إدراكهم فأطاقوا رؤيته، انتهى كلامه
على ما حكى عنه.
و قد عرفت
فيما تقدّم أنّ استحالة ذلك مطلقا هو المعلوم من مذهب أهل البيت :، و
عليه إجماع الشّيعة باتّفاق المخالف و المؤالف، و قد دلّت عليه الأدلّة العقليّة و
النقليّة من الآيات و الأخبار المستفيضة، و من جملة تلك الآيات قوله سبحانه:
أحدهما أنّ
إدراك البصر عبارة شايعة عن الادراك بالبصر إسناد للفعل إلى الآلة، و الادراك
بالبصر هو الرّؤية بمعنى اتّحاد المفهومين أو تلازمهما، و الجمع المعرّف باللّام
عند عدم قرينة العهديّة و البعضيّة تفيد العموم و الاستغراق باجماع أهل العربيّة و
الاصول و أئمّة التّفسير، و بشهادة استعمال الفصحاء، و صحّة الاستثناء فاللّه
سبحانه قد أخبر بأنه لا يراه أحد في المستقبل، فلو رآه المؤمنون في الجنّة لزم
كذبه.