قال الشّارح
المعتزلي: فان قلت: ألم يكن قلت إنّ قوله عن قليل يتبرّء التابع من المتبوع يعني يوم
القيامة فكيف يقول (ثمّ يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف) و هذا إنّما
يكون قبل القيامة؟
قلت: لمّا
ذكر تنافس النّاس على الجيفة المنتنة و هي الدّنيا أراد أن يقول بعده بلا فصل: ثمّ يأتي
بعد ذلك اه لكنّه لمّا تعجّب من تزاحم النّاس و تكالبهم على تلك الجيفة أراد
أن يؤكّد ذلك التّعجب فأتى بجملة معترضة بين الكلامين فقال: إنّهم على ما قد ذكرنا
من تكالبهم عليها عن قليل يتبرّء بعضهم من بعض و يلعن بعضهم بعضا، و ذلك أدعى
لهم لو كانوا يعقلون إلى أن يتركوا التّكالب و التّهارش على هذه الجيفة الخسيسة،
ثمّ عاد إلى نظام الكلام فقال: ثمّ يأتي بعد ذلك آه.
و قال
الشّارح البحراني حكاية عن بعضهم: إنّ ذلك التّبرء عند ظهور الدّولة العبّاسية،
فانّ العادة جارية بتبرّء النّاس عن الولاة المعزولين خصوصا عند الخوف ممّن تولّى
عزل ذلك أو قتلهم، فيتباينون بالبغضاء إذ لم تكن الفتهم و محبّتهم إلّا لغرض
دنياوىّ زال، و يتلاعنون عند اللّقاء، ثمّ قال الشّارح: و قوله: ثم يأتي
طالع الفتنة، هي فتنة التتار، إذ الدائرة فيها على العرب.
و قال بعض الشارحين:
بل ذلك إشارة إلى الملحمة الكائنة في آخر الزّمان كفتنة الدّجال.