(و النّاس
يستحلّون الحريم) أى حرمات اللَّه الّتي يجب احترامها و محرّماته (و
يستذلّون الحكيم) أو الحليم كما في بعض الرّوايات، و الحكمة هو العلم الّذي يرفع
الانسان عن فعل القبيح، و الحلم هو العقل و التّؤادة و ضبط النّفس عن هيجان الغضب،
و المعلوم من حال العرب استذلال من له عقل و معرفة و تجنّب عن سفك الدّماء و عن
النهب و الغارة و إثارة الفتن لزعمهم أنّ ذلك من الجبن و الضّعف (يحيون
على فترة) من الرّسل و انقطاع من الوحى الموجب لانقطاع الخير و تقليل العبادات
و المجاهدات و موت النفوس بداء الجهل و الضّلالات (و يموتون على
كفرة) لعدم هاد يهديهم إلى النّهج القويم و الشّرع المستقيم.
ثمّ شرع 7 في إنذار النّاس بالبلايا النّازلة و اقتراب الحوادث المستقبلة فقال (ثمّ
إنّكم معشر العرب أغراض بلايا) و أهدافها (قد اقتربت) أوقاتها (فاتّقوا
سكرات النعمة) لفظة السّكرات استعارة لما يحدثه النّعم عند أربابها من الغفلة و
الخمرة المشابهة للسّكرة (و احذروا بوائق النّقمة) أى دواهي المؤاخذات
و العقوبات استعاره (و تثبّتوا في قتام العشوة) و هو أمر لهم
بالتّثبت و التّوقّف عند اشتباه الأمور و ترك الاقتحام فيها من غير بصيرة و رويّة.
قال الشّارح
البحراني: استعار لفظ القتام للشّبهة المثيرة للفتن كشبهة قتل عثمان التي
نشأت منها وقايع الجمل و صفين و الخوارج، و وجه المشابهة كون ذلك الأمر المشتبه
ممّا لا يهتدى فيه خائضوه، كما لا يهتدى القائم في القتام عند ظهوره و خوضه.
(و اعوجاج
الفتنة) أى إتيانها على غير وجهها و انحرافها عن النّهج كنايه- حقيقت (عند طلوع
جنينها و ظهور كمينها) كنى بالجنين و الكمين عن المستور المختفي من تلك الفتنة و
يحتمل إرادة الحقيقة بأن يكون المقصود بروز ما اجتن منها و استتر و ظهور ما كمن
منها و بطن كنايه (و انتصاب قطبها و مدار رحاها) كنايتان عن استحكام
أمرها و انتظامها (تبدو في مدارج خفيّة و تؤل إلى فظاعة جليّة) يعني أنّها
تكون