و لمّا فرغ
7 من تمهيد مقدّمات الدّعاء شرع فيه فقال (اللّهم إنّا
خرجنا إليك من تحت الأستار و الأكنان) الّتي ليس من شأنها أن تفارق إلّا لضرورة
شديدة (و بعد عجيح البهائم و الولدان) و أصواتها المرتفعة
بالبكاء و النحيب (راغبين) في برّك و (رحمتك و راجين
فضل) منّك و (نعمتك و خائفين من عذابك و نقمتك اللّهمّ فأسقنا غيثك) المغدق من
السّحاب المنساق لنبات أرضك المونق (و لا تجعلنا من القانطين) الآيسين (و لا
تهلكنا بالسّنين و لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا يا أرحم الرّاحمين) و المراد
بالسّفهاء الجهّال من أهل المعاصي و بفعلهم معاصيهم المبعدة عن رحمته سبحانه كما
في قوله سبحانه حكاية عن موسى 7: أَ تُهْلِكُنا
بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا ثمّ عاد 7 إلى تكرير شكوى الجدب
بذكر أسبابها الحاملة عليها فقال:
(اللّهمّ
إنّا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك) من الضرّ و السّوء (حين
ألجائتنا المضائق الوعرة) المستصعبة (و أجائتنا
المقاحط المجدبة) أي السّنون المحلّة (و أعيتنا المطالب المتعسّرة، و تلاحمت
علينا الفتن المستصعبة) أى تزاحمت علينا امور من الجوع و العرى و سائر مسبّبات
القحط ما كانت لنا فتنة أي بلاء و محنة أى صارفة للقلوب عمّا يراد بها.
(اللّهمّ) إنّا نسألك
أن (لا تردّنا خائبين) من رحمتك (و لا تقلبنا و
اجمين) محزونين باليأس عن عطيّتك (و لا تخاطبنا بذنوبنا) قال الشّارح
المعتزلي: أي لا تجعل جواب دعائنا لك ما يقتضيه ذنوبنا كأنّه يجعله كالمخاطب لهم و
المجيب عمّا سألوه إيّاه كما يفاوض الواحد منّا صاحبه و يستعطفه فقد يجيبه و
يخاطبه بما يقتضيه ذنبه إذا اشتدّت موجدته عليه و نحوه قوله (و لا تقايسنا
بأعمالنا) أي لا تجعل ما تجيبنا به مقايسا و مماثلا لأعمالنا السيّئة، و
بعبارة اخرى لا تجعل فعلك بنا مقايسا لأعمالنا السيّئة و مشابها لها و سيئة مثلها.
(اللّهمّ
انشر علينا غيثك و بركتك و رزقك و رحمتك، و اسقنا سقيا نافعة)