اللَّه سبحانه في البغى و الخروج و على
الاستيناف البياني فالمعنى أنّه 7 لما ذكر أنّ كلّا منهما يرجوه لنفسه
و يعطفه عليه كان لقائل أن يقول: هذا العطف و الرّجاء هل كان لغرض دينيّ منهما و
تصلّب في الاسلام؟ فأجاب بأنّ غرضهما ليس التقرّب إلى اللَّه تعالى و التمسّك
بعهده.
و على
الاستيناف النحويّ فالمقصود به شرح حالهما، فانّه لمّا ذكر أنّ رجاء كلّ واحد
منهما كون الخلافة له، و قصد كلّ جذبها إليه أردفه بذلك تنبيها على أنّهما خالفا
اللَّه سبحانه إذ لم يعتصما بحبله، بل تفرّقا عنه و قد أمرهم اللَّه بالاعتصام و
نهاهم عن التفرّق بقوله وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا
تَفَرَّقُوا.
قال الطبرسيّ
في معنى حبل اللَّه أقوال: احدها أنّه القرآن ثانيها أنّه دين الاسلام و ثالثها ما
رواه أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمّد 8 قال: نحن حبل اللَّه الّذى
قال وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً قال الطبرسىّ: و
الأولى حمله على الجميع و الّذي يؤيّده ما رواه أبو سعيد الخدري عن النّبي 6 أنّه قال: يا أيّها النّاس إنّي قد تركت فيكم حبلين، إن أخذتم
بهما لن تضلّوا بعدي: أحدهما أكبر من الآخر كتاب اللَّه حبل ممدود من السّماء إلى
الأرض، و عترتي أهل بيتي الا و إنهما لن يفترقا حتّى يردا علىّ الحوض.
ثمّ ذكر
انهما مع اتّفاقهما على الخلاف مختلفان في نفس الأمر و أنّ (كلّ واحد منهما
حامل ضبّ) و حقد (لصاحبه) و يشهد به اختلافهما قبل وقوع الحرب في
الأحقّ بالتّقديم في الصّلاة، فأقامت عائشة محمّد بن طلحة و عبد اللَّه بن الزّبير
يصلّي هذا يوما و هذا يوما إلى أن تنقضى الحرب.
ثمّ إنّ عبد
اللَّه بن الزّبير ادّعى أنّ عثمان نصّ عليه بالخلافة يوم الدّار، و احتجّ في ذلك
بأنّه استخلفه على الصّلاة، و احتجّ تارة اخرى بنصّ صريح زعمه و ادّعاه، و طلب
طلحة من عائشة أن يسلّم النّاس عليه بالامارة و أدلى إليها بالسّمية و أدلي
الزّبير بأسماء اختها فأمرت النّاس أن يسلّموا عليهما معا بالامارة، و اختلفا