فانّ كلمة ما مفيدة للعموم و لفظ الجميع
تأكيد لها، و اللّام للانتفاع فيدلّ على جواز الانتفاع بجميع ما في الأرض.
فان قلت: إنّ
الآية لا تفيد العموم لأنّ شرط حمل المطلقات على العموم أن لا يكون المقام مقام
الاجمال بل يكون مقام البيان، و ههنا ليس كذلك إذا المقصود بيان أنّ في خلق
الأشياء منفعة لكم للايمان «للايماء ظ» أنّ جميع الأشياء مما ينتفع بها.
قلت: فيه بعد
ما عرفت أنّ الموصول مفيد للعموم لا سيّما مع التوكيد بلفظ الجميع إنّ الآية واردة
في مقام الامتنان المقتضى للتعميم كما لا يخفى، فيدلّ على إباحة الانتفاع و حلّه
بجميع ما في الأرض فيكون الأصل الأوّلى في الجميع هو الحلّ و الاباحة إلى أن يقوم
دليل على الحظر و الحرمة، فيحتاج إلى تخصيص ما ثبتت حرمته من عموم الآية، و يدلّ عليه
أيضا قوله سبحانه:
فانّ تخصيص
المحرّمات بما بعد إلّا دليل على أنّ غير المستثنى ليس حراما، و عدم وجدان النّبيّ
6 دليل على عدم وجود الحرمة واقعا، و يدلّ عليه أيضا
قوله سبحانه: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ^، فانّ الطيّب هو ضدّ
الخبيث الذي يتنفّر عنه الطّبع فيكون، المراد بالطّيبات ما تستلذّها الطباع فيدلّ
على حلّية جميع المستلذّات و يخصّص بما دلّ على حرمة بعضها بالخصوص، و هذه الآيات
تدلّ على إباحة جميع ما لم يقم دليل على حرمته، و لذا استدلّ بها الاصوليّون في مسألة
الحظر و الاباحة على أنّ الأصل الأوّلى في الأشياء هو الاباحة.
و مثلها في
الدّلالة عليها قوله 6: كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه
نهى، إلّا أنّ ذلك يدلّ على الاباحة الظاهريّة فيما شكّ في إباحته و حرمته، و هذه
على