ذكر الآجال)
فلم تمهدوا في سلامة الأبدان (و حضرتكم كواذب الآمال) فلم تعتبروا في أنف الأوان (فصارت الدّنيا
أملك بكم من الآخرة) لاستيلائها عليكم و نفوذ تصرّفها فيكم و
اتّباعكم عليها اتّباع العبد على سيّده و المملوك على مولاه
(و العاجلة أذهب بكم من الآجلة) لفرط محبّتكم لها و دخول
حبّها شغاف قلوبكم فذهبت بقلوبكم كما يذهب المحبوب بقلب محبّه (و انّما أنتم اخوان مجتمعون على دين اللَّه) و فطرته التي فطر النّاس عليها بقوله تعالى إنّما المؤمنون اخوة (ما فرّق بينكم إلّا خبث السّرائر و سوء الضمائر) اى لم يفرّق بينكم إلّا خبث البواطن و سوء العقائد و النّيات و من
ذلك ارتفعت عليكم آثار التواخي و المودّة و لوازم المحبّة و الاخوّة (فلا توازرون و لا تناصحون و لا تباذلون و لا توادّون) أى لا يعين أحدكم صاحبه و لا يقويه و لا يناصحه و لا يبذل ماله له و
لا يقوم بلوازم المودّة روى في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى
عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد اللَّه 7 قال: حقّ المسلم على
المسلم أن لا يشبع و يجوع أخوه و لا يروى و يعطش أخوه و لا يكتسى و يعرى أخوه، فما
أعظم حقّ المسلم على أخيه المسلم.
و قال أحبّ
لأخيك المسلم ما تحبّ لنفسك و إذا احتجت فاسأله و إن سألك فاعطه، لا تملّه خيرا و
لا يملّه لك، كن له ظهرا فانه لك ظهر، إذا غاب فاحفظه في غيبته، و إذا شهد فزره و
أجلّه و أكرمه فانه منك و أنت منه، فان كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتّى تسئل
سميحته[1] و إن أصابه
خير فاحمد اللَّه، و إن ابتلى فاعضده، و إن يمحل له فأعنه، و إذا قال الرّجل
لأخيه: افّ انقطع ما بينهما من الولاية، و إذا قال: أنت عدوّى كفر أحدهما، فاذا
اتّهمه انماث الايمان في قلبه كما يماث الملح في الماء.
و باسناده عن
جابر عن أبي جعفر 7 قال: من حقّ المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته
و يوارى عورته، و يفرّج عنه كربته، و يقضي دينه، فاذا مات خلفه