و عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد
اللّه 7 قال: إذا اتّهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما ينماث
الملح في الماء.
هذا كلّه على
رواية يحيل باللّام و أمّا على الرّواية الاخرى فالمراد به التنبه على أنّ ضرر
الكلام أقوى من ضرر السهام، و تأثيره أشدّ من تأثيرها، و ذلك لأنّ الرّامى قد يرمي
فتخطئ سهامه و لا تصيب الغرض، و أمّا الكلام فيؤثر لا محالة و إن كان باطلا لأنّه
يلوث العرض في نظر من لا يعرفه و يسقط محلّ المقول فيه و منزلته من القلوب.
ثمّ قال
تهديدا أو تحذيرا و تنبيها على ضرر ذلك الكلام الفاسد و القول الباطل على سبيل
إرسال المثل (و باطل ذلك يبور و اللّه سميع و شهيد) يعني أنّ الغرض و
الغاية من ذلك القول الّذي يعاب به باطل نشأ من الحقد و الحسد أو التّصادم في مال
أو جاه أو نحو ذلك من الأغراض الباطلة، و الباطل انّما يبور أى يهلك و يفنى كما
قال تعالى: إنّ الباطل كان زهوقا، و وزره يدوم و يبقى لأنّه بعين اللّه السميع
البصير الشّاهد الخبير بمحاسن الأفعال و الأقوال و مقابحها المجازى بالحسنات عظيم
الثواب و بالسيّئات أليم العقاب.
ثمّ نبّه على
الفرق بين الحقّ و الباطل بقوله (أما أنّه ليس بين الحقّ و الباطل إلّا
أربع أصابع فسئل 7 عن معنى قوله هذا) لاجماله و إبهامه (فجمع
أصابعه) الأربع (و وضعها بين أذنه و عينه ثمّ قال: الباطل أن تقول
سمعت، و الحقّ أن تقول رأيت) يعنى أنّ الباطل هو المسموع و الحقّ هو
المرئى، فتسامح 7 في التفرقة بما ذكر تعويلا على الظهور، ضرورة أنّ الباطل ليس قولك
سمعت، و لا الحقّ قولك رأيت، لأنّ قولك إخبار عن نفسك بالسّماع أو الرّؤية،
و
الحقّ و الباطل و صفان للمخبر عنه لا الخبر كما هو ظاهر.
فان قلت: كيف
يقول الباطل ما يسمع و الحقّ ما يرى مع أنّ كثيرا من المسموعات حقّ لا ريب فيه،
فانّ جلّ الأحكام الشرعيّة قد ثبت علينا بطريق النّقل