أقول: و الظاهر أنه أراد بالحقّ حقّ القصاص، يعني أنّهم يطلبون حقّ
القود من قاتلي عثمان و لكنّهم هم الذين تركوه حيث أمسكوا النكير على قاتليه،
فتقديم المسند إليه للتّخصيص ردّا عليهم إلى زعمهم انفراد أمير المؤمنين 7 و أصحابه بترك الحقّ.
و مثله قوله (و دما هم
سفكوه) أى لا غيرهم و أراد به دم عثمان، و يدلّ على سفكهم دمه و كونهم أشدّ
النّاس تحريضا عليه ما قدّمناه في شرح الخطبة الثانية و العشرين و الكلام
الثلاثين.
و يدلّ عليه
أيضا ما رواه في شرح المعتزلي و غيره أنّ عثمان قال: ويلي على ابن الخضرميّة، يعني
طلحة أعطينه كذا و كذا ذهبا و هو يروم دمي يحرض على نفسي اللّهم لا تمتّعه به.
قال الشّارح
و روى النّاس الذين صنفوا في واقعة الدّار أنّ طلحة كان يوم قتل عثمان مقنّعا بثوب
قد استتر به عن أعين النّاس يرمى الدّار[1]
السّهام، و أنّه لمّا امتنع على الّذين حصروه الدّخول من باب الدّار حملهم طلحة
إلى دار لبعض الأنصار فأصعدهم إلى سطحها و تسوّروا منها على عثمان داره فقتلوه.
و رووا أيضا
أنّ الزّبير كان يقول: اقتلوه فقد بدّل دينكم، فقالوا: إنّ ابنك يحامي عنه بالباب،
فقال: ما أكره أن يقتل عثمان و لو بدء بابني إنّ عثمان لجيفة على الصّراط غدا، و
قال مروان بن الحكم يوم الجمل: و اللّه لا أترك ثارى و أنا أراه و لأقتلنّ طلحة
بعثمان فانّه قتله ثمّ رماه بسهم فأصاب مأبضه[2]
فنزف الدّم[3] حتّى مات.
فقد ظهر من
ذلك أنّه لا ريب في إغرائهم و تحريضهم و دخولهم في دم عثمان فلا يجوز لهم المطالبة
بدمه منه، لأنّ دخولهم فيه إمّا أن يكون بالاشتراك، أو