و إن تعدّدت الأسباب الموصلة إلى ذلك
المقصود انتهى.
و محصّله
أنّه لا يختلف في الدّلالة على المقاصد الموصلة إلى اللّه سبحانه و الأظهر أنّ
المراد به أنّه لا يختلف في الجذب إلى اللّه، لأنه معجز النّبوة المقصود بها
الايصال إلى اللّه سبحانه كما قال تعالى: أفلا يتدبّرون القرآن و لو كان من عند
غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا، أى لكان الكثير منه مختلفا متناقضا قد تفاوت
نظمه و بلاغته و معانيه كما في الكشّاف، فكان بعضه بالغا حدّ الاعجاز، و بعضه
قاصرا عنه يمكن معارضته، و بعضه إخبارا بغيب قد وافق المخبر عنه، و بعضه اخبارا
مخالفا للمخبر عنه، و بعضه دالّا على معنى صحيح عند علماء المعاني، و بعضه دالّا
على معنى فاسد غير ملتئم، فلمّا تجارب كلّه بلاغة معجزة فائتة «فائقة ظ» لقوى
البلغاء و تناصر صحّة معان و صدق اخبار علم أنّه ليس إلّا من عند قادر على ما لا
يقدر عليه غيره، و عالم بما لا يعلمه أحد سواه.
السّادس
أنّه (و لا يخالف بصاحبه عن اللّه) أى لا يسدّه عنه
سبحانه و لا يضلّه عن سبيله فانّه يهدى للّتي هي أقوم، و من اعتصم به فقد هدى إلى
صراط مستقيم.
قال الشارح
المعتزلي إنّ هذا الكلام فصل آخر مقطوع عما قبله و متّصل بما لم يذكره جامع نهج
البلاغة، و كذلك قال في قوله (قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم) أنّه إلى
آخر الفصل كلام مقطوع أيضا.
أقول: إن ثبت
التقطيع فهو و إلّا فجهة ارتباط هذا الكلام بما قبله هو أنّه لما وصف كتاب اللّه
سبحانه بأوصاف الكمال تنبيها على وجوب اتباعه و الاعتصام به للاشارة إلى الحقّ و
هدايته إلى مكارم الأخلاق، أردفه بتوبيخ السّامعين و تقريعهم على ارتكاب رذائل
الأخلاق و اتّباع الشيطان، و المراد أنّكم اتّفقتم على الحقد و الحسد بحيث لم
ينكره منكم أحد.
(و نبت
المرعى على دمنكم) يحتمل أن يكون المراد بالدّمن الحسد فيكون قوله: نبت
المرعى جاريا مجرى المثل اشارة إلى طول الزّمان أى طال حقدكم