المحصول بعد الطلب أعزّ من المنساق بلا
تعب العاشر الاتيان بكلمة الحصر أعني ما و إلّا.
و اتبع ذلك
كلّه بالوجه الحادى عشر فقال مجاز (توسع) (أسمع داعيه) و بالوجه الثاني عشر
فقال (و أعجل حاديه) أى أسمع من دعاه إلى اللّه سبحانه أى المدعوّ
له و أسرع من ساقه إلى مكانه و حثّه إلى السّير اليه و نسبة الاسماع و الاعجال إلى
الموت من التوسّع و التوكيد بهذا كلّه لشدّة ما رآه من المخاطبين من الغفلة و نومة
الجهالة و اشتغالهم عن ذكر الموت و ما يحلّ عليهم من الفناء و الفوت و عن أخذ
الذّخيرة و الزّاد ليوم المعاد، فأنزلهم منزلة المنكرين إيقاظا لهم عن رقدة
الغافلين، و أعلمهم أنّ الموت حقّ يقين ليس منه خلاص و لا مناص لا فرار و لا محار،
و أنّه يدركهم و لو كانوا في بروج مشيّدة و إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا
يستقدمون.
(فلا
يغرنّك سواد النّاس) و كثرتهم و اجتماعهم حولك (من نفسك) و من
الاشتغال باصلاحها، و قال الشّارح البحراني: أى فلا يغرنّك من نفسك الأمارة
بالسّوء وسوستها و استغفالها لك عن ملاحظة الموت برؤية سواد النّاس أى كثرتهم إذ
كثيرا مّا يرى الانسان الميت محمولا فيتداركه من ذلك رقّة و روعة، ثمّ يعاوده
الوسواس الخنّاس و يأمره باعتبار كثرة المشيّعين له من النّاس. و أن يجعل نفسه من
الاحياء الكثيرين بملاحظة شبابه و صحته و يأمره باعتبار أسباب موت ذلك الميّت من
القتل و سائر الأمراض، و باعتبار زوال تلك الأسباب في حقّ نفسه و بالجملة فيبعّد
في اعتباره عند الموت بكلّ حيلة.
فنهى 7 السّامعين عن الانخداع للنّفس بهذه الخديعة، و أسند الغرور إلى سواد
النّاس لأنّه مادّته، و نبّه على فساد تلك الخديعة و الاغترار بقوله (فقد رأيت
من كان قبلك ممّن جمع المال و حذر الاقلال) أى خاف من الافتقار و مسائة الحال (و أمن
العواقب) و اطمئنّ بالأقارب (طول أمل و استبعاد أجل كيف نزل به الموت)