اعلم أنّ هذه
الخطبة رواها المحدّث العلّامة المجلسي «قد» في البحار من كتاب مطالب السؤول
لمحمّد بن طلحة باختلاف كثير أحببت ايرادها بتلك الطريق على عادتنا المستمرّة.
قال: قال 7: احذّركم الدّنيا فانّها خضرة حلوة حفّت بالشّهوات و تخيبت بالعاجلة و
عمّرت بالآمال و تزيّنت بالغرور و لا يؤمن فجعتها و لا يدوم خيرها، ضرّارة غدّارة
غرّارة زايلة بايدة أكّالة عوّالة، لا تعدو إذا تناهت إلى امنيّة أهل الرّضا بها و
الرّغبة فيها أن يكون كما قال اللَّه عزّ و جلّ: كَماءٍ
أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ
هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ على أنّ امرأ لم يكن فيها في حيرة «حبرة ظ»
إلّا أعقبته بعدها عبرة، و لم يلق من سرّائها بطنا إلّا منحته من ضرّائها ظهرا، و
لم تنله فيها ديمة رخاء إلّا هتنت عليه مزنة بلاء، و حرىّ إذا أصبحت له متنصّرة أن
تمسى له متنكّرة، فان جانب منها اعذوذب لامرء و احلولى، أمرّ عليه جانب و أوباه، و
ان لقى امرء من غضارتها زوّدته من نوابئها تعبا، و لا يمسى امرء منها في جناح أمن
إلّا أصبح في خوافي خوف و غرور.
فانية فان من
عليها من أقلّ منها استكثر مما تؤمنه و من استكثر منها لم تدم له و زال عما قليل
عنه، كم من واثق بها قد فجعته و ذى طمأنينة اليها قد صرعته، و ذي خدع قد خدعته، و
ذي ابّهة قد صيّرته حقيرا و ذي نخوة قد صيّرته خائفا فقيرا، و ذي تاج قد أكبّته
لليدين و الفم، سلطانها دول، و عيشها رنق، و عذبها اجاج، و حلوها صبر، و غذائها
سمام، و أسبابها رمام، حيّها بعرض موت، و صحيحها بعرض سقم، و منيعها بعرض اهتضام،
عزيزها مغلوب، و ملكها مسلوب، و ضيفها مثلوب، و جارها محروب.
ثمّ من وراء
ذلك هول المطلع و سكرات الموت و الوقوف بين يدي الحكم العدل ليجزى الّذين أساءوا
بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ألستم في منازل من كان أطول منكم أعمارا و
آثارا، و أعدّ منكم عديدا، و أكثف جنودا و أشدّ