أن ينتفي عنه الموانع السّتة التي جعل
كلّ واحد منها صادّا عن الامامة و قاطعا عن استحقاقها و هى البخل، و الجهل، و
الجفاء، و العصبيّة في دولته، أى تقديم قوم على قوم، و الارتشاء في الحكم، و
التعطيل للسنّة، و إذا انتفت عنه هذه الموانع الستّة تعيّن أن يكون هو الامام،
لأنّ شروط الامامة موجودة فيه بالاتّفاق، فاذا كانت موانعها عنه منتفية و لم يحصل
لغيره اجتماع الشّروط و ارتفاع الموانع وجب أن يكون هو الامام، لأنّه لا يجوز خلوّ
العصر من امام سواء كانت هذه القضيّة عقليّة أو سمعيّة.
أقول: بعد
هذا التحقيق هل بقى للشارح عذر في اعتقاده بامامة الثّلاثة و خلافتهم و جعله 7 رابعهم؟ و العجب كلّ العجب أنّه ينطق بالحقّ و لا يذعن به كمثل المنافقين
يقولون بأفواهم ما ليس في قلوبهم و من لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور، ثمّ
قال الشّارح:
فان قلت: أ
فتراه عنى بهذا قوما بأعيانهم؟
قلت:
الاماميّة تزعم أنّه رمز بالجفاء و العصبية لقوم دون قوم إلى عمر و رمز بالجهل إلى
من كان قبله، و رمز بتعطيل السّنة إلى عثمان و معاوية، و أمّا نحن فنقول: إنّه
7 لم يعن ذلك و إنّما قال قولا كلّيا غير مخصوص، و هذا هو اللّائق
بشرفه، و قول الاماميّة دعوى لا دليل عليها و لا يعدم كلّ أحد أن يستنبط من كلّ
كلام ما يوافق غرضه و إن غمض، و لا يجوز أن تبنى العقائد على مثل هذه الاستنباطات
الدقيقة.
أقول: أمّا
أنّ في كلامه رمزا و إشارة إلى من ذكر فهو ممّا لا غبار عليه، و أمّا أنّ فيه
دلالة عليه فلم تدّعه الاماميّة حتّى يناقش فيه أو يعترض عليهم، و الاشارة غير
الدّلالة، و أمّا استبعاد ذلك بعدم لياقته بشرفه 7 و منافاته لسودده
ففيه أنّ شرافته مقتضية للارشاد على الهدى و التّنبيه على ضلال قادة الرّدى و هفوة
من اتّبعهم و أذعن بخلافتهم من أهل العصبيّة و الهوى، لأنّه من باب الأمر بالمعروف
و النّهى عن المنكر المناسب لشأن الامام و وظيفته