(أو أعقبتهم إلّا الندامة) و الحسرة (أ فهذه)
الغدّارة الغرّارة (تؤثرون أم اليها تطمئنّون أم عليها
تحرصون) مع ما رأيتم من مكائدها و جرّبتم من خياناتها (فبئست الدار لمن لم يتّهمها) في
نفسه (و لم يكن فيها على و جل منها)
على عرضه فكانت موجبة لهلاكه و عطبه و أمّا المتّهم لها بالخديعة و الغرور و
الخائف منها و الحذر فنعمت الدّار في حقّه لكونه منها على و جل دائم و خوف لازم،
فيأخذ حذره بعد عدّته و يقدم الزاد ليوم المعاد و يتزوّد لحال رحيله و وجه سبيله (فاعلموا و أنتم تعلمون) و استيقنوا (بأنكم تاركوها و ظاعنون) أى مرتحلون (عنها و اتّعظوا فيها بالّذين)
كانوا قبلكم و (قالوا من أشدّ منّا قوّة) و عدّة و انتقلوا عن دورهم و (حملوا إلى قبورهم
فلا يدعون ركبانا و انزلوا الأجداث) بعد الادعاث[1]
مجاز (فلا يدعون ضيفانا)
يعنى انهم انقطعت عنهم بعد ارتحالهم أسماء، الأحياء فلا يسمّون بالركبان و لا
بالضيفان و كانت عادة العرب انهم إذا ركبوا يسمّون ركبانا، و إذا نزلوا يسمّون
ضيفانا، و هؤلاء الأموات مع كون الجنائز حمولة لهم و كونهم محمولين عليها
كالراكبين لا يطلق عليهم اسم الركب[2]، و كذلك هم مع نزولهم بالأجداث
و القبور لا يطلق عليهم اسم الضيف و ان كان تسمية الضيف إنما هى بذلك الاسم
باعتبار نزوله، و هذا الاعتبار موجود فيهم مأخوذ من ضافه ضيفا إذا نزل عنده فافهم (و جعل لهم من الصّفيح أجنان) أى
من وجه الأرض العريض قبور حقيقت- مجاز (و من التراب أكفان) و في بعض النسخ بدله أكنان، و هى السّتاير جمع الكن و هى السترة أى
ما يستتر به، و على ذلك فالكلام على حقيقته، و على الرواية الاولى فلا بدّ من
ارتكاب المجاز بأن يقال إنّ جعل التراب أكفانا لهم باعتبار إحاطته عليهم كالأكفان
أو باعتبار المجاورة بينه و بينها، أو من أجل اندراس الكفن و انقلابه ترابا كما
قيل، و الأظهر الأوّلان (و من الرفات) و
العظام البالية (جيران فهم جيرة) أى
جيران كما في بعض