قد مضى تحقيق
الكلام فى ما في مثل قوله فما أحوجهم في شرح الخطبة المأة و الثّامنة، و ما في ما
منعتهم يحتمل المصدر و الموصول فالعايد محذوف و مثله على الاحتمال الثاني ما في
عمّا منعوك، فافهم
المعنى
اعلم أنّ هذا
الكلام حسبما أشار إليه السيّد (ره) قاله لأبي ذرّ لما أخرج إلى الرّبذة بأمر عثمان
اللّعين، و ستعلم نبأه بعد حين (يا أبا ذر إنّك غضبت) القوم (للّه
سبحانه فارج من غضبت له) و إنّما أتى بالموصول و لم يقل فارج اللّه لما فيه من
تقرير الغرض المسوق له الكلام، فانّ المقصود بهذا الكلام تسلية همّ أبي ذرّ رحمه
اللّه و سلب وحشته و كأبته، فانّه إذا كان غضبه للّه سبحانه و في اللّه سبحانه
خالصا مخلصا فلا بدّ أن يكون رجاه باللّه و حرىّ حينئذ عليه سبحانه الذى كان غضبه
له أن لا يخيّب رجاه و لا يقطع أمله بل يكون مونسه في الوحشة و أنيسه في الوحدة، و
ناصره و معينه و حافظه على كلّ حالة، ففى التّعبير بالموصول زيادة تقرير لعدم
تخيّب رجاه، و فيه من التّسلية له ما لا يخفى (إنّ القوم) أراد به
عثمان و معاوية و أمثالهما (خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك) يعنى أنّهم
خافوا منك أن تفسد دنياهم كما أنّك خفت أن تفسدوا دينك (فاترك في أيديهم
ما خافوك عليه و اهرب منهم بما خفتهم عليه فما أحوجهم إلى ما منعتهم) أيما أعظم
احتياجهم إلى منعك إيّاهم لأنّك إنّما تمنعهم من المنكرات و في هذا المنع لهم من
الفوائد ما لا تحصى و في تركه من المضارّ ما لا تستقصى، أو ما أكثر حاجتهم إلى
الذي منعته منهم بخروجك من بين أظهرهم و هو دينك الذي خفتهم عليه (و) ما (أغناك
عمّا منعوك) أى ما كثر غنائك عن الّذي منعوك منه و هو دنياهم الّتي خافوك عليها (و ستعلم
من الرّابح غدا) أي في الآخرة (و الأكثر حسّدا) ثمّ أراد زيادة
ترغيبه في الثّقة و الاعتماد على اللّه سبحانه فقال كنايه (و لو أنّ