أفراد الشّر الذي أشار 7 إلى
اقباله و ازدياده و لا جرم خصّه بالبخيل في عرف الشّرع و هو الّذي يمنع من أداء
الواجب عليه، و البخل في غير الواجب مكروه مذموم و فاعله ملوم، و في الواجب موجب
للعقاب و العتاب مبعّد لفاعله من حظيرة القدس و حضرة ربّ الأرباب كما قال اللّه
سبحانه: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ
بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ
سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ
(أو متمرّدا كان باذنه عن سمع المواعظ) و النّصايح (وقرا) و ثقلا فلهم أعين لا يبصرون بها، و لهم
قلوب لا يفقهون بها، و لهم آذان لا يسمعون بها، ختم اللّه على قلوبهم و على سمعهم
و على أبصارهم غشاوة و لهم عذاب عظيم ثمّ تحسّر و تأسّف على فوت الخيار و موت
الصلحاء الأخيار فقال (أين خياركم و صلحائكم و أحراركم و
سمحائكم) أى أخياركم و أسخيائكم
(و أين المتورّعون في مكاسبهم) المراقبون لشرائط التجارات
و المواظبون لرسوم المعاملات الآخذون بوظائف العدل و الانصاف، و المجانبون عن
التطفيف و البخس و الاعتساف (و المتنزّهون في
مذاهبهم) أى المتباعدون عن الأخذ بالمقاييس و الارادة
الفاسدة و بالاستحسانات العقليّة و العقائد الكاسدة
(أليس قد ظعنوا) و ارتحلوا
(جميعا عن هذه الدّنيا الدّنيّة و العاجلة المنغّصة)
المكدّرة فلم يبق منهم من تأخذون منه مكارم الآداب و الأخلاق، و ترجعون إليه في
صالح الأعمال و الأفعال لعلّكم تقتبسون آثارهم و تتّبعون أفعالهم ثمّ نبّه على
حقارة الباقين و رذالتهم فقال (و هل خلفتم إلّا في
حثالة لا تلتقى بذمّهم الشفتان) أى ما بقيتم إلّا في أوغاد
النّاس و أراذلهم و طغاتهم و حمقائهم يأنف الانسان أن يذمّهم و لا يطبق إحدى
الشّفتين منه على الاخرى ليتكلّم فيهم (استصغارا لقدرهم
و ذهابا) أى ترفّعا
(عن ذكرهم) و احتقارا لهم
(فانّا للّه و إنّا إليه راجعون) من اصابة هذه المصائب و
ابتلاء تلك البليّة، فانّ المبتلى و المصاب إنّما يسترجع إذا وقع في بليّة أو
ابتلى بمصيبة (ظهر الفساد) في
النّاس بارتفاع المعروف و اشتهار المنكر (فلا منكر متغيّر) أى لا يتغيّر فعل منكر لعدم وجود المغيّر و المنكر