معلوم و وقت معدود
(و مدينون مقتضون) أي ما أوتيتم فيها من زبرجها و زخارفها
مطالبون بها و محاسبون عليها كالمديون المطالب بدينه، و قيل استعار لفظ المدين لهم
باعتبار وجوب التكاليف المطلوبة منهم و ليس بشيء
(أجل منقوص و عمل محفوظ) أى آجالكم منقوصة بمضىّ اللّيالي و
الأيّام و انقضاء الشهور و السّنين، و أعمالكم محفوظة بأيدي الكرام الكاتبين.
ثمّ أشار
7 إلى عدم جواز الاغتزار بالأعمال و الابتهاج بها بقوله: (فربّ
دائب مضيّع و ربّ كادح خاسر) يعني كم من مجدّ في العبادة متعب نفسه في
الاتيان بها مضيّع لها بما يلحقها من العجب و الرّياء و نحو ذلك ممّا يبطلها و
يضيّعها، كابطاله صدقاته بالمنّ و الأذى، و كم من ساع خاسروهم الأخسرون أعمالا
الّذين ضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا و هم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا، الّذين يأتون
بالطاعات فاقدة لشرائطها المعتبرة في القبول كطاعة الخوارج و النّواصب و الغلاة و
من يحذو حذوهم.
(و قد
أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلّا إدبارا و الشّر إلّا إقبالا) لغلبة
اتّباع الهوى و النكوب عن سمت الرشاد و الهدى (و الشيطان في
هلاك النّاس إلّا طمعا) لأنّه بعد ما ضعف جانب الحقّ و قوى جانب الباطل فهنا لك
يطمع إبليس في اغواء النّاس و إهلاكهم و يستولى على أوليائه استعاره (فهذا
أوان قويت عدّته) استعارة للشّرور و المفاسد الّتي هي زاد الشيطان و ذخيرته (و عمّت
مكيدته) للناس إلّا الّذين سبقت لهم من اللّه الحسنى استعاره (و أمكنت
فريسته) أى أمكنته فريسته من نفسها حتّى سهل عليه افتراسها، و هى استعارة
لأهل الضّلال باعتبار هلاكهم في يده و استيلائه عليهم و تمكّنه من إغوائهم و
إضلالهم ثمّ شرح 7 أنواع الشّرور الّتى لا تزيد إلّا إقبالا بقوله: (اضرب
بطرفك) أى أمعن النّظر (حيث شئت من النّاس فهل تبصر إلّا فقيرا
يكابد فقرا) أى يتحمّل مشاقته و يقاسى مرارته و متاعبه، و هو إشارة إلى استكراه
الفقير لفقره و استنكافه منه، و لا شكّ أنّ ذلك محبط لأجره واضع لقدره