الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن و يميتا
ما أمات القرآن) يعني أنّ تحكيم الحكمين إنّما كان المقصود به
التّوصّل إلى حكم القرآن من حيث إنه خطّ مستور بين الدّفتين محتاج إلى الترجمان لا
لمطلوبيّتهما بالذّات حسبما مرّ في كلامه المأة و الخامس و العشرين و شرحه، فالحكم
في الحقيقة هو القرآن لا الرّجلان فوجودهما إنّما هو إحياء ما أحياه القرآن و
إماتة ما أماته (و إحيائه الاجتماع عليه) و الاتّباع له و الالتزام على ما شهد باستصوا به و استصلاحه (و إماتته الافتراق عنه) و التّولى و الاعراض
عمّن شهد بضلاله (فان كان جرّنا القرآن إليهم اتبعناهم و إن
جرّهم الينا اتبعونا) و من المعلوم أنّ القرآن إنّما كان
يجرّهم إليه 7 إلّا أنّ الحكمين خالفا حكم الكتاب و لم يحييا ما أحياه
و لم يميتا ما أماته (فلم آت لا أبالكم بجرا) أى داهية و شرّا (و لاختلتكم) و خدعتكم (عن أمركم و لا لبّسته عليكم) أى ما جعلت الأمر مشتبها و متلبّسا عليكم، و محصّله أنّى ما أتيت
بشيء موجب للكفر و الضلال حتّى تكفّروني و تضلّلوني ثمّ أبطل زعمهم الفاسد و
اعتقادهم الكاسد بوجه آخر أشار اليه بقوله و
(انّما اجتمع رأى ملائكم) و رؤسائكم (على اختيار رجلين) يعني أنّي ما أقدمت على
التحكيم برضاء و اختيار منّى و إنّما اجتمع رأى اشرافكم عليه و كنت مجبورا فيه و
مستكرها له و مع ذلك فقد (أخذنا عليهما أن لا يتعدّيا القرآن) و لا يخالفا حكمه (فتاها عنه و تركا الحقّ
و هما يبصرانه) فنبذا الكتاب و نكبا عن سمت الهدى و الصّواب (و كان الجور هواهما فمضيا عليه) و
أقاما فيه (و) أيضا ف (قد سبق استثناؤنا عليهما في الحكومة بالعدل و الصّمد) أى القصد (للحقّ سوء رأيهما و جور حكمهما) يعني أنا اشترطنا عليهما في كتاب الصّلح أن لا يتجاوزا حكم القرآن،
و لا يحكما بهوى النفس و سوء الرّأى فخالفوا «فخالفا ظ» الكتاب المبين، و خانوا
«خانا ظ» في حقّ المسلمين، فكان اللّائمة في ذلك إليهما و العبؤ عليهما، فلا يجب
علينا اذا اتّباع حكمهما فنضلّ و نخزى