إلى آخر ما قال، و قوله (و المانعين الذّمار منكم) أى الذابّين عمّن
يجب عليهم حفظه و حمايته، فانّ من كان كذلك لا يترك الراية حتى يظفر أو يقتل و
علّله بقوله (فانّ الصّابرين على نزول الحقائق) أى نزول الرايات منازلها أو نزول ما يعرض لهم في الحرب من الحالات
التي يجب و يحقّ الحماية عنها، أو نزول الامور الصّعبة الشديدة كما ذكره الشارح
المعتزلي (هم الذين يحفّون براياتهم) و يحيطون بها (و يكتنفونها حفا فيها) و جانبيها أى اليمين و اليسار
(و ورائها و أمامها لا يتأخّرون عنها فيسلموها و لا يتقدّمون عليها فيفردوها) بل يلازمونها أشدّ الملازمة و يراقبونها كمال المراقبة و يحاربون
حولها و يضربون خلفها و أمامها.
ثمّ قال (أجزء
امرء قرنه و آسا أخاه بنفسه و لم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه و قرن أخيه) و هو أمر
لهم بالمواساة يقول: ليجزي و ليكفى كلّ امرء منكم قرنه و كفوه و ليواس أخاه بنفسه،
و لم يدع قرنه ينضمّ إلى قرن أخيه فيصيرا معا في
مقاومة الأخ المذكور، فانّ ذلك قبيح كاسب للّائمة، ناش عن دنائة الهمّة، إذ اولو
العزم و ذوو الهمم العالية لا يرضى أحد منهم بأن يقاتل أخوه اثنين و هو ممسك يده
قد خلّى قرنه إلى أخيه هاربا منه أو قائما ينظر إليه ثمّ أقسم بالقسم البارّ فقال (و أيم
اللّه لئن فررتم من سيف العاجلة) لحبّ البقاء و الحياة استعاره مشاكلة (لا
تسلموا من سيف الآخرة) أى من عذاب اللّه و عقابه سبحانه على فراركم و تخاذلكم، و
تسميته العذاب بالسيف إما مبنىّ على الاستعارة أو على المشاكلة (و أنتم
لها ميم العرب) أى ساداتها و أجوادها استعاره- تشبيه بليغ (و السنام الأعظم) أراد شرفهم
و علوّ نسبهم على سبيل الاستعارة أو التشبيه البليغ لأنّ السنام أعلى أعضاء البعير
و أرفعها (إنّ في الفرار) من الجهاد (موجدة اللّه) سبحانه و
غضبه يوم الحساب (و الذلّ اللّازم و العار الباقي) في الأعقاب (و انّ
الفارّ لغير مزيد في عمره و لا محجوز بينه و بين يومه) يعني انّ