طائفة اخرى على ما يقتضيه الحكمة، أو
كثّرها و قلّلها بالنسبة إلى شخص واحد بحسب اختلاف الأزمان و الحالات (و قسّمها على الضّيق و السّعة)
لما كان المتبادر من القسمة البسط على التساوي بيّن ما أراده بذكر الضيق و السّعة،
و لمّا كان ذلك موهما للجور أردفه بذكر العدل و قال:
(فعدل فيها) أى في تلك القسمة ثمّ أشار إلى نكتة العدل و
حكمته بقوله لف و نشر مجاز (توسع) (ليبتلى من أراد بميسورها
و معسورها و ليختبر بذلك الشكر و الصبر من غنيّها و فقيرها)
نشر على ترتيب اللّف على الظاهر و الضمير فيهما راجع إلي الأرزاق و في الاضافة
توسّع، و يحتمل عوده إلى الأشخاص المفهوم من المقام أو إلى الدّنيا أو إلى الأرض و
لعلّ احداهما أنسب ببعض الضمائر الآتية، و قد مرّ تحقيق معنى اختبار اللّه سبحانه
و ابتلائه في شرح الخطبة الثانية و الستين.
و محصّل
المراد أنّه سبحانه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده و يقدر له و يجعل بعضهم غنيّا و
بعضهم فقيرا و يختبر بذلك الشكر من الأغنياء و الصبر من الفقراء، لاعظام مثوباتهم
و إعلاء درجاتهم إن شكروا و قنعوا، و تشديد عقوباتهم و احتطاط مقاماتهم إن كفروا و
جزعوا، و يجيء لذلك إنشاء اللّه مزيد توضيح في شرح الخطبة القاصعة تشبيه (ثمّ قرن
بسعتها عقابيل فاقتها) لا يخفى ما في تشبيه الفاقة و هى الفقر و الحاجة أو
آثارها بالعقابيل من اللّطف، لكونها مما يقبح في المنظر و تخرج في العضو الذى لا
يتيسّر ستره عن النّاس و تشتمل على فوائد خفيّة، و كذلك الفقر و ما يتبعه، و أيضا
تكون غالبا بعد التلذّذ و التنعمّ (و بسلامتها طوارق آفاتها) أراد بها
متجدّدات المصائب و ما يأتي بغتة من الطروق و هو الاتيان باللّيل (و بفرج
أفراجها غصص أتراحها) أراد أنّ التفصّي من همومها مقارن لغصصها، و نشاطها معقّب
لهلاكها قال الأعشى: