و اذا اختالت احديهنّ في مشيها حمل
اعطافها سبعون ألفا من الولدان عليها من طرايف الحرير ما تتحيّر فيه الأبصار
مكلّلات بالتّيجان المرصّعة باللّؤلؤ و المرجان مشكلات غنجات عطرات امنات من الهرم
و البوس و حوادث الزّمان مقصورات في الخيام في قصور من الياقوت بنيت وسط روضات
الجنان قاصرات الطرف عين ثمّ يطاف عليهم و عليهنّ بأكواب و أباريق و كأس من معين
بيضاء لذّة للشّاربين، و يطوف عليهم ولدان مخلّدون كأمثال اللّؤلؤ المكنون جزاء
بما كانوا يعملون، في مقام أمين في جنّات و نهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، لا
يرهقهم قتر و لا ذلّة بل عباد مكرمون لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، و من ريب
المنون آمنون، خالدون فيها و يأكلون من أطعمتها و يشربون من أنهارها لبنا و خمرا و
عسلا مصفّى، و أيّ أنهار أراضيها من فضّة بيضاء و حصبائها مرجان، و يمطرون من سحاب
من ماء النسرين على كثبان الكافور و يجلسون على أرض ترابها مسك أذفر، و نباتها
زعفران.
فيا عجبا لمن
يؤمن بدار هذه صفتها، و يوقن بأنه لا يموت أهلها و لا تحلّ الفجائع بمن نزل
بساحتها، و لا تنظر الأحداث بعين التغيير إلى أهلها، كيف يأنس بدار قد أذن اللّه
في خرابها، و نودى بالرّحيل قطانها، و اللّه لو لم يكن فيها الّا سلامة الأبدان مع
الأمن من البلاء و الموت و ساير الحدثان، لكان جديرا بأن يهجر الدّنيا بسببها، و
لا تؤثر عليها مع كون التنغّص و التصرّم من ضروراتها، فانّ نعم الدّنيا زايلة
كلّها فانية، و نعم الجنّة دائمة باقية، و أهل الدّنيا كلّهم متنغّصون هالكون، و
أهل الجنّة منعّمون آمنون.
قال رسول
اللّه 6: ينادى مناديا أهل الجنة انّ لكم أن تصحّوا
فلا تسقموا أبدا، و انّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، و انّ لكم أن تشبّوا فلا
تهرموا أبدا و انّ لكم أن تنعّموا فلا تيأسوا أبدا، فذلك قول اللّه عزّ و جلّ: