(و عزّ كلّ ذليل)
يعني أنه سبحانه سبب عزّة كلّ من كان به ذلّة، لأنّه العزيز المطلق الذي لا يعادله
شيء و لا يغلبه شيء، فكلّ عزّة لكلّ موجود منتهية إليه سبحانه، و قد سبق تفسير
العزيز في شرح الخطبة الرّابعة و السّتين.
(و قوّة
كلّ ضعيف) معنى هذه الفقرة كسابقتها، و قد مرّ تفسير القوى من أسمائه سبحانه
في شرح الخطبة الرابعة و السّتين أيضا، و روى أنّ الحسن 7 قال: واعجبا
لنبيّ اللّه لوط إذ قال لقومه:
أ تراه أراد
ركنا أشدّ من اللّه، و في المجمع عن الصادق 7 لو يعلم أىّ قوّة له، و
عن النبيّ 6 رحم اللّه أخى لوطا لو يدرى من معه في
الحجرة لعلم أنّه منصور حيث (حين خ ل) يقول، لو أنّ لى بكم قوّة أو آوى الى ركن
شديد، أىّ ركن أشد من جبرئيل معه في الحجرة و رواه في عقاب الأعمال عن أبي جعفر
7 مثله.
مجاز (و مفزع
كلّ ملهوف) يعني أنه تعالى ملجأ كلّ مضطرّ محزون حال حزنه و اضطراره فيفرّج
همّه و يكشف ضرّه و يرفع اضطراره كما قال تعالى:
أَمَّنْ
يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ و قال: وَ ما
بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ
تَجْئَرُونَ.
و هذا العطف
يستلزم عموم قدرته و شمول علمه تعالى بشهادة فطرة المضطرّ بنسبة جميع أحوال وجوده
إلى جوده و شهادة فطرته أيضا بعلمه بحاله و اطلاعه على ضرورته و وجوه اللهف و
الاضطرار غير معدودة، و جهات الحاجة و الافتقار غير محصورة، و لا يقدر الاجابة لها
على كثرتها إلّا الحقّ و القادر المطلق، و أما غيره سبحانه فانما يكون مفزعا و
ملجئا لمضطرّ لا لكلّ مضطرّ فكونه مفزعا مجاز لا حقيقة و اتّصافه به اضافيّ لا
حقيقيّ.