إنّما أنت بشير و نذير و لست تسأل عن
أصحاب الجحيم و ليس عليك اجبارهم على القبول منك.
(خير
البريّة طفلا) لأنّ الخيريّة إنّما هى بالأعمال الصّالحة و الأخلاق الفاضلة، و
التسديد بسلوك سبيل الحقّ و هو 6 منذ أيّام طفوليته و
صباه كان ملازما لذلك سابقا فيه على غيره.
(و أنجبها
كهلا) أى أفضلها، و قيل: أكرمها فلقد كان 6 في
حال كهوليّته و دعوته منبع كلّ كرم و فضل (أطهر المطهرين شيمة) أى طبيعة و
جبلة و خلقا لم تدنسه الجاهلية بأنجاسها، و لم تلبسه من مدلهمّات ثيابها استعاره
مرشحة (و أجود المستمطرين ديمة) أى أجود الأشخاص الذين يطلب منهم
الأمطار و يرجى منهم الاحسان[1]، أو أكثر
جودا للّذين يطلبون البذل و الانعام، و على كلّ تقدير فقد شبّهه 7
بالسّحاب الماطر و الغيث الهاطل، و أراد بذلك كثرة جوده و عطاياه، فلفظ المستمطرين
استعارة للراجين أو المرجوّين منهم الاحسان، و ذكر الجود و الدّيمة ترشيح
للاستعارة، هذا.
و قوله 7: (فما احلولت لكم الدّنيا في لذّاتها) قال الشارح المعتزلي
الخطاب لمن في عصره من بقايا الصّحابة و لغيرهم من التّابعين الذين لم يدركوا عصر
النّبي 6 و قيل: الخطاب لبني امية و أمثالهم، و الأول
أوفق بظاهر المخاطبة، و الثّاني أظهر بملاحظة سياق الكلام و الفقرات الآتية.
و كيف كان
فالمعنى أنّه ما صارت لكم الدّنيا حلوا في لذّاتها استعاره بالكنايه- استعاره
تخييلية- استعاره مرشحة (و لا تمكنتم من رضاع أخلافها) استعارة بالكناية
شبه 7 الدّنيا بناقة مرضعة تنتفع بها و يمتصّ من ثدييها، و الجامع وجوه
الانتفاع و أثبت لها الأخلاف تخييلا و ذكر الرّضاع ترشيح، و المقصود أنّكم ما
تمكنتم من الانتفاع بالدّنيا و الابتهاج بلذّاتها (إلّا من بعد ما
صادفتموها) أى أصبتموها و وجدتموها استعاره بالكنايه- استعاره تخييلية- استعاره
مرشحة (جائلا خطامها قلقا وضينها)
[1] هذا مبنى على كون المستمطرين بصيغة المفعول و اضافة اجود
اليه بمعنى من و الثاني مبنى على كونه بصيغة الفاعل و كون الاضافة بمعنى اللام،
فافهم.