هكذا نقل المثل أى ذهبوا متفرّقين، و هما
اسمان جعلا اسما واحدا مثل معدى كرب ضرب المثل بهم لأنّهم لما غرق مكانهم و ذهبت
جنّاتهم تبدّدوا في البلاد.
روى الطبرسيّ
في تفسير سورة سبا في قصة تفرّق أولاد سبا عن الكلبي عن أبي صالح قال: ألقت طريفة
الكاهنة إلى عمرو بن عامر الذي يقال له مزيقيا بن ماء السّما و كانت قد رأت في
كهانتها أنّ سدّ مارب سيخرب و أنّه سيأتي سيل العرم فيخرب الجنّتين، فباع عمرو بن
عامر أمواله و سار هو و قومه حتّى انتهوا إلى مكة فأقاموا بها و ما حولها فأصابتهم
الحمى، و كانوا ببلد لا يدرون فيه ما الحمى، فدعوا طريقة فشكوا إليها الذي أصابهم
فقالت لهم: قد أصابني الذي تشكون و هو مفرّق بيننا، قالوا: فما ذا تأمرين؟ قالت:
من كان منكم ذاهمّ بعيد و جمل شديد و مزاد جديد فليلحق بقصر عمان المشيد و كانت
ازدعمان[1]، ثمّ قالت:
من كان منكم ذا جلد و قسر و صبر على ازمات الدّهر فعليه بالاراك من بطن مرّ (نمر خ
ل) و كانت خزاعة، ثمّ قالت: من كان منكم يريد الرّاسيات في الوحل المطعمات في
المحل فليلحق بيثرب ذات النخل و كانت الأوس و الخزرج، ثمّ قالت: من كان منكم يزيد
الخمر الخمير و الملك و التأمير و ملابس التّاج و الحرير فليلحق ببصرى و عوير، و
هما من أرض الشّام و كان الذين سكنوها آل خفية بن غسان، ثمّ قالت: من كان منكم
يريد الثياب الرقاق و الخيل العتاق و كنوز الأرزاق و الدّم المهراق فليلحق بأرض
العراق و كان الذين سكنوها آل جذيمة الابرش و من كان بالحيرة و آل محرق (و
تتخادعون) قال في القاموس: تخادع فلان أرى أنّه مخدوع و ليس به، «انتهى» و لا يجوز
ارادة هذا المعنى في المقام بل الأظهر أنّه من قولهم سوق خادعة مختلفة متلونة و
خلق خادع متلوّن أى تختلفون و تتلوّنون في قبول الوعظ و لكنه يبعده لفظة عن،
اللّهم إلّا أن يضمن معنى الاعراض فافهم، و يأت له معنى آخر إنشاء اللّه.
و (الحنية)
وزان غنية القوس و الجمع حنى و حنايا و (المقوّم) الأوّل
[1] و كانت ازد عمان أى كانت القبيلة الملحقة لقصر عمان.