بالتّقوى تأكيدا لأوامره السّابقة فأنذر
أوّلا بالصّراط حيث قال (و اعلموا أنّ مجازكم على الصّراط) الذي هو جسر جهنّم و عليه ممرّ جميع الخلائق حسبما تعرفه تفصيلا (و مزالق دحضه و أهاويل زلله)
لكونه أدقّ من الشّعر و أحدّ من السّيف كما يأتي في الأخبار الآتية.
و في النّبوي
قال 6: ثلاث مواطن لا يذكر أحد أحدا: عند الميزان حتّى
يعلم أيخفّ ميزانه أو يثقل، و عند تطاير الصّحف حتّى يعلم أيقع كتابه في يمينه أم
شماله أم من وراء ظهره، و عند الصّراط إذا وضع بين ظهر جهنّم حتّى يجوز.
قال الشّارح
المعتزلي (و تارات أهواله) هو كقولك دفعات أهواله و إنّما جعل أهواله
تارات لأنّ الأمور الهائلة إذا استمرّت لم يكن في الازعاج و التّرويع كما يكون إذا
طرئت تارة و سكنت تارة.
ثمّ أمر 7 بملازمة التّقوى و تحصيله في أقصى مراتب كماله مثل تقوى من كمل في مقام
العبوديّة و استجمع صفات الايمان فقال 7 (فاتّقوا اللّه
عباد اللّه تقيّة ذي لبّ شغل التّفكّر) في اللّه و في صنعه (قلبه) من التّوجّه
و الالتفات إلى الدّنيا و أباطيلها (و أنصب الخوف) من اللّه و من
عذابه (بدنه) حتّى صار ناحل الجسم من ذكر النّار و أهاويلها مجاز (و اسهر
التّهجّد) و عبادة اللّيل (غرار نومه) فلم تترك له نوما حتّى
كان قائم اللّيل (و أظمأ الرّجاء) رجاء ما أعدّ لأولياء اللّه (هواجر
يومه) فأكثر صوما حتّى كان صائم النّهار.
و نسبة
السّهر إلى الغرار و الظّماء إلى الهواجر من باب التّوسّع و المجاز على حدّ قولهم:
قام ليله و صام نهاره، فاقيم الظرف مقام المظروف أي أسهره التّهجّد من غرار نومه و
أظمأه الرّجاء في هواجر يومه.
روى في
الوسائل عن سهل بن سعد قال: جاء جبرئيل إلى النبيّ 6 فقال:
يا محمّد عش
ما شئت فانّك ميّت، و احبب ما شئت فانّك مفارقه، و اعمل ما شئت فانّك تجزى به، و
اعلم أنّ شرف الرّجل قيامه باللّيل، و عزّه استغناؤه عن النّاس.
و فيه أيضا
عن المفيد في المقنعة قال: روى أنّ صلاة اللّيل تدرّ الرّزق