في طلب غذاء و لا دفع أذى و لا استجلاب
منفعة و لا دفع مضرّة، فإنّه يجرى إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذ و الماء
النّبات فلا يزال ذلك غذاه.
حتّى إذا كمل
خلقه و استحكم بدنه و قوى اديمه على مباشرة الهواء و بصره على ملاقات الضّياء هاج
الطّلق بأمّه فازعجه أشدّ إزعاج و أعنفه حتّى يولد، فاذا ولد صرف ذلك الدّم الّذي
كان يغذوه من دم امّه إلى ثدييها، فانقلب الطّعم و اللّون إلى ضرب آخر من الغذاء،
و هو أشدّ موافقة للمولود من الدّم فيوافيه في وقت حاجته إليه فحين يولد قد تلمط و
حرّك شفتيه طلبا للرّضاع فهو يحدى ثدى أمّه كالاداوتين المعلّقتين لحاجته، فلا
يزال يغتذي باللّبن ما دام رطب البدن رقيق الأمعاء ليّن الأعضاء.
حتّى إذا
تحرّك و احتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتدّ و يستوي بدنه و طلعت له الطّواحين «من
الاسنان خ» و الأضراس ليمضغ به الطعام فيلين عليه و يسهل له إساغته فلا يزال كذلك
حتّى يدرك، فاذا أدرك و كان ذكرا طلع الشّعر في وجهه فكان ذلك علامة الذّكر و عزّ
الرّجل الذي يخرج به عن حدّ الصّبا و شبه النّساء و إن كانت انثى يبقى وجهها نقيّا
من الشّعر لتبقى لها البهجة و النّضارة التي تحرّك الرّجال لما فيه دوام النّسل و
بقاؤه، الحديث.
الثاني في
تحقيق السؤال في القبر و ذكر شبهة المنكرين له و دفعها
اعلم أنّ
كلام الامام 7 في هذا الفصل صريح في ثبوت السؤال في القبر و هو حقّ يجب
الايمان و الاذعان به، و عليه قد انعقد إجماع المسلمين بل هو من ضروريات الدّين، و
منكره كافر خالد في الجحيم لا يفترّ عنه العذاب الأليم، و لم يخالف فيه إلّا بعض
من انتسب إلى الاسلام كضرار بن عمر و طايفة من المعتزلة و جمع من الملاحدة مموّهين
على العوام الّذين يصغون إلى كلّ ناعق بأنّ الميّت بعد وضعه في قبره إن حشى فمه
بالجصّ و نحوه و دفن ثمّ يؤتى إليه في اليوم الآخر