في تحقيق
الحديث المعروف المرويّ في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن
عمر بن اذينة عن أبي عبد اللَّه 7 قال: خلق اللَّه المشيّة بنفسها ثمّ
خلق الأشياء بالمشيّة.
و قد ذكروا
في تأويله وجوها أشار إليها المحدّث العلّامة المجلسيّ طاب رمسه في مرآت العقول.
الأوّل أن لا
يكون المراد بالمشيّة الارادة بل احدى مراتب التّقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها
من أسباب وجود الشّيء، كالتّقدير في اللّوح مثلا و الاثبات فيه، فانّ اللّوح و ما
أثبت فيه لم يحصل بتقدير اخر فى لوح سوى ذلك اللّوح و إنما وجد ساير الأشياء بما
قدّر في ذلك اللّوح و ربما يلوح هذا المعنى من بعض الأخبار، و على هذا المعنى
يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير.
الثّاني أن
يكون خلق المشيّة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقّفه على تعلّق
إرادة اخرى بها، فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحقّقها بنفسها منتزعة عن ذاته
تعالى بلا توقّف على مشيّة اخرى، أو أنه كناية عن أنّه اقتضى علمه الكامل و حكمته
الشّاملة كون جميع الأشياء حاصلة بالعلم بالأصلح، فالمعنى أنه لما اقتضى كمال ذاته
أن لا يصدر عنه شيء إلّا على الوجه الأصلح و الأكمل فلذا لا يصدر شيء عنه تعالى
إلّا بارادته المقتضية لذلك.
الثالث ما
ذكره السيّد داماد قدّس اللَّه روحه و هو: أنّ المراد بالمشيّة هنا مشيّة العباد
لأفعالهم الاختيارية، لتقدّسه تعالى عن مشيّة مخلوقة زايدة على ذاته عزّ و جلّ و
بالأشياء أفاعيلهم المترتّب وجودها على تلك المشيّة، و بذلك تنحلّ شبهة ربما اوردت
ههنا، و هي: أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بارادتهم لكانت الارادة مسبوقة
بارادة اخرى و تسلسلت الارادات لا إلى نهاية.
الرّابع ما
ذكره بعض الأفاضل و هو: أنّ للمشيّة معنيين أحدهما متعلّق بالشّائى و هي صفة
كمالية قديمية هي نفس ذاته سبحانه، و هي كون ذاته سبحانه