لأجل شيء من جانب القابل، فقوله 7: فأمضى، اشارة إلى هذا الايجاد الذي بيّنا أنه قبل الوجود و الصدور.
المقام
الثاني
في تحقيق أنّ
المشية و الارادة من صفات الفعل لا من صفات الذات، و توضيح ذلك موقوف على رسم
مقدّمة متضمنة لقاعدة كلّية بها يعرف الفرق بين صفات الذات و صفات الفعل، و قد
أشار إليها ثقة الاسلام الكليني عطّر اللَّه مضجعه في الكافي أيضا و هي:
أنّ الفرق
بينهما من وجوه ثلاثة:
الأوّل أنّ
كلّ صفة وجودية لها مقابل وجوديّ فهي من صفات الفعل لا من صفات الذات، لأنّ صفاته
الذاتية كلّها عين ذاته و ذاته مما لا ضدّ له، فكذلك كلّما هو عين ذاته، مثال ذلك
أنّك تقول: إنّ اللَّه سبحانه رضي و سخط و أحبّ و أبغض و أحيى و أمات، و هكذا و لا
يجوز أن تقول: علم و جهل و قدر و عجز و عزّ و ذلّ، فبذلك يعرف أنّ الحبّ و الاحياء
و الرّضا من صفات الفعل لأنّ البغض و الاماتة و السّخط مقابلاتها ناقضات لها، فلو
كانت من صفات الذّات لزم أن يكون مقابلاتها ناقضات للذّات الأحدية و هو محال،
لأنّه لا ضدّ له كما لا ندّ له فاتصاف ذاته بصفتين ذاتيّتين متقابلتين محال.
الثّاني أنّ
كلّ صفة صحّ تعلّق القدرة بها فهي من صفات الفعل و كلّما لا تصحّ تعلّقها بها فهي
صفة الذات، و ذلك لأنّ القدرة صفة ذاتيّة تتعلّق بالممكنات لا غير، فلا تتعلّق
بالواجب و لا بالممتنع، فكلّ ما هو صفة الذات فهو أزليّ غير مقدور و كلّما هو صفة
الفعل فهو ممكن مقدور فيصح أن تقول: يقدر أن يخلق و أن لا يخلق و يقدر أن يميت و
يحيى و أن يثيب و يعاقب و هكذا، و لا يصحّ أن تقول: يقدر أن يعلم و أن لا يعلم،
لأنّ علمه بالأشياء ضروريّ واجب بالذّات، و عدم علمه بها محال ممتنع بالذات و
مصحّح المقدوريّة هو الامكان، و مثله صفة الملك و العزّة و العظمة و الكبرياء و
الجلال و الجمال و الجبروت و أمثالها.