قدرته و حاول الفكر المبرء من خطرات
الوسواس ان يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته و تولّهت القلوب إليه لتجري في كيفيّة
صفاته و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصّفات لتنال علم ذاته ردعها) و هذه الجملة أعنى قوله 7 إذا ارتمت إلى الآخر شرطية
متصلة متعدّدة المقدم متّحدة التّالى و هو ردعها، و هي بمنزلة شرطيّات متعدّدة.
و المقصود
بذلك أنّ الأوهام إذا ترامت و استرسلت مجدّة في التفتيش عن منتهى قدرته، نكصت عن
ذلك، لأنّ قدرته تعالى متعلّق بجميع المقدورات لا نهاية له حتّى يبلغ الأوهام إلى
غايته و منتهاه.
و إنّ الفكر
الصافي الخالي عن وساوس الشّيطان و شوائب الأوهام إذا قصد أن يقع على ذاته و
يستثبتها بكلّ ما ينبغي لها من الكمالات في عميقات مغيبات عزّته و سلطانه و
مملكته، كلّ و حسر لقصوره عن إدراك ما لا نهاية له.
و انّ القلوب
إذا اشتدّ شوقها إليه و تولهت نحوه لتقف على كيفيّة صفاته عجزت، و ذلك لأنّ صفاته
كذاته قديمة و الكيف مهيّة امكانيّة مفتقرة إلى الجعل حادثة و هو سبحانه منزّه عن
كونه محلّا للحوادث فليس لذاته و صفاته كيفيّة حتّى يقف عليها العقول و لذلك قال
أبو عبد اللَّه 7: و كيف أصفه بالكيف و هو الذى كيّف الكيف حتّى صار
كيفا، فعرّف الكيف بما كيّف لنا من الكيف.
و أنّ العقول
إذا غمضت مداخلها أى خفيت مواقع دخولها في دقايق العلوم النّظرية الالهية بحيث لا
توصف لدقتها طالبة ان تعلم حقيقة ذاته انقطعت و أعيت لقصور العقول عن الوصول إلى
حقيقة ما ليس بذى حدّ و لا تركيب.
و محصّل
الكلام أنّ هذه القوى التي هي أعظم المشاعر الانسانية لو حاولت التعمّق و
الاستقصاء في معرفة ذات اللَّه الأعلى و صفاته الحسنى و أرادت الخوض في بحار ملكه
و ملكوته، وقفت خاسئة و رجعت حسيرة، لقصورها عن إدراك هذه المطالب العظيمة و ردعها
اللَّه تعالى عن ذلك و منعها من أن تحوم حول ذلك.
(و هي تجوب
مهاوى سدف الغيوب متخلّصة إليه سبحانه) أى تقطع مهاوي