فان قلت: من
المراد بالرّاسخين في العلم و ما المراد بالغيب المحجوب و ما ذا
أراد 7 بالسّدد المضروبة دون الغيوب؟
قلت: أما الرّاسخون
في العلم فهم الثابتون فيه و الضابطون له كأئمة الدّين و أولياء اليقين
الحاملين لأسرار النّبوة و أعباء الولاية و بعض خواصّهم المقتبسين من أنوار
الهداية و المهتدين بنور الامامة.
و أمّا
المراد بالغيب المحجوب فهو ما غاب عن الخلق علمه و خفى مأخذه إما
لعدم الاستعداد و القابليّة و قصور الطبيعة عن الادراك كذات اللَّه و صفاته
الذّاتية، و إمّا لاقتضاء الحكمة و المصلحة للاخفاء، كعلم السّاعة و ما في الأرحام
و نحوهما ممّا حجب اللَّه علمه عن العباد، و من ذلك القبيل الآيات المتشابهة.
و أمّا
المراد بالسّدد المضروبة فهي الحجب المانعة من الوصول إلى الغيب، و هي
بالنسبة إلى الغيب المحجوب بها على قسمين:
احدهما ما هي
قابلة للارتفاع إمّا بالرّياضيات و المجاهدات كما يحصل للبعض فيعرف ضماير بعض
العباد و يطلع على بعض المخبيات و يخبر عن بعض المغيبات، و إمّا بتعليم من اللَّه
سبحانه كما كان في حق الأنبياء و الأولياء فانّ عمدة معجزاتهم كانت من قبيل
معرفتهم بالغيب و إخبارهم من المغيبات، و إليه الاشارة في قوله تعالى:
وَ
عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ.
يعني أنّه
عالم بكلّ شيء من مبتدءات الامور و عواقبها، و أنّه الذي يفتح باب العلم و يرفع
الحجاب عن الغيب لمن يريد من الأنبياء و الأولياء، لأنّه لا يعلم الغيب