(قاهر من
عازه) أى غالبه و عتى عن أمره كفرعون إذ قال أنا ربّكم الأعلى فأخذه
اللَّه نكال الآخرة و الأولى و غيره من العتاة و الطغاة، حيث قصم اللَّه سبحانه
ظهرهم و كسر عظمهم و قهرهم بالموت و الاذلال، و أنزل عليهم شديد النكال (و مد مرّ
من شاقه) أى مهلك من كان مشاقا له و منحرفا عن طريق الهدى إلى سمت الرّدى (و مذلّ
من ناواه) يجعله محتاجا إلى غيره (و غالب من عاداه) أى المستولى عليه
بقهره (من توكّل عليه كفاه) كما قال في كتابه العزيز:
وَ مَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ أى الكافي له يكفيه
أمر دنياه و آخرته (و من سأله أعطاه) إذ لا تفنى خزائنه
السؤال، و لا تدخل عليها نقص و لا زوال.
و في الحديث
القدسي: يا عبادي لو أنّ أوّلكم و آخركم و انسكم و جنّكم قاموا في صعيد واحد
فسألوني فأعطيت كلّ إنسان مسألته ما نقص ذلك ممّا عندي شيئا إلّا كما ينقص المخيط
إذا دخل البحر.
أى لا ينقص
شيئا و إنما ضرب المثل بالمخيط و البحر لأنّه و إن كان يرجع شيء قليل محسوس لكن
لقلّته بالنّسبة إلى أعظم المرئيات عيانا لا يرى و لا يعدّ شيئا فكأنّه لم ينقص
منه شيء.
(و من
أقرضه قضاه) أى من أنفق ماله في سبيله و طاعته أعطاه اللَّه عوض ما انفق و إنّما
سمّى الانفاق قرضا تلطفا للدّعاء إلى فعله و تأكيدا للجزاء عليه، فانّ القرض يوجب
الجزاء و هو مأخوذ من قوله سبحانه في سورة البقرة: