إذ المقصود بالحياة في الحقيقة هو
استكمال النّفس و اكتساب الفضايل الّتى هي سبب السّعادة الأبدية و العناية
السّرمديّة، و لما كان الجاهل بمعزل عن ذلك فكان بمنزلة الميّت بل ميّتا في
الحقيقة قال الشّاعر:
ليس من مات فاستراح بميّت
إنّما الميت ميّت الأحياء
تنبيه
هذا الفصل من
كلام الامام عليه آلاف التحية و السّلام كاف في ذمّ العلماء السوء و القدح عليهم و
الطّعن فيهم، و أعنى بالعلماء السوء المتّصفين بالأوصاف المذكورة في هذا الفصل، و
هم العلماء الآخذون بالبدع و الآراء، و العاملون بالمقائيس و الأهواء، كعلماء
العامّة و قضاتها الّذين لم يأخذوا العلم من ينابيعه، و لم يتعلّموا القرآن من
أهله و استغنوا عن عترة النّبيّ 6 و آله و حيث ضاق بهم المجال
في الوصول إلى حقيقة الحال اضطرّوا إلى الأخذ بالرّأى و القياس ففسّروا القرآن
بآرائهم، و عطفوا الحقّ على أهوائهم، و عملوا في مسائل الحلال و الحرام و الحدود و
الأحكام بأقيستهم، فأبدعوا في الدّين، و غيّروا شرع سيّد المرسلين صلوات اللّه
عليه و آله أجمعين هذا. و مثلهم في استحقاق الذّم و الطّعن العلماء السوء منّا، و
هم الذين تعلّموا العلم من أهله، و أخذوه من أحاديث الأئمة، و رجعوا في تفسير
القرآن إلى تفسير خير الامة إلّا أنّهم لم يعملوا بعلمهم، و وصفوا الحقّ فخالف
فعلهم قولهم، و هم علماء الدّنيا الذين قصدهم من العلم التّنعم بالدّنيا و التوصّل
إلى الجاه و المنزلة عند أهلها. و الآيات و الأخبار في ذمّ هؤلاء و تشديد الأمر
عليهم فوق حدّ الاحصاء و متجاوزة مرتبة الاستقصاء، و ينبغي أن نورد هنا شطرا منها
ممّا يناسب المقام. فأقول: روى ثقة الاسلام الكلينيّ في الكافي عن سليم بن قيس
الهلالي قال:
سمعت أمير
المؤمنين 7 يقول: قال رسول اللَّه 6: منهومان
لا يشبعان: طالب