العوام عالما
(فاقتبس جهائل من جهّال و أضاليل من ضلّال) أى تعلّم جهالات
مركّبة و عقايد باطلة من أهل الجهالة و اكتسب الآراء الموجبة للانحراف عن قصد
السّبيل عن أهل الضّلالة فحذا حذوهم و سلك سبيلهم و صار جاهلا ضالّا مثلهم (و نصب للنّاس أشراكا من حبائل غرور و قول زور) يعني أنه يغرّ الخلق بأقواله الباطلة و أفعاله المزخرفة و يجذبهم
بها إليه و يوقعهم في شركه و حبالته كما يغرّ الصيّاد الصّيد يخدعه حتّى يوقعه في
شركه الّذي نصبه له (قد حمل الكتاب على آرائه) أراد 7 أنه حمل كتاب اللّه على مقتضى رأيه و هواه، و ذلك
لجهله بفحواه و معناه و قد قال رسول اللّه 6: من فسّر
القرآن برأيه فليتبوّء مقعده من النّار، و كفى بكلامه 7 شاهدا أنّ كلّا
من الفرق المختلفة كالمشّبهة و المجسّمة و الكراميّة و الأشعريّة و المعتزلة و
غيرها على كثرتها قد تعلّق في إثبات مذهبه بالقرآن، فكلّ يأوّله على رأيه و يخرجه
على معتقده مع أنّ قول الكلّ باطل و تأويل الجميع فاسد.
وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ
يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا
أُولُوا الْأَلْبابِ. و قوله 7 (و عطف الحقّ على أهوائه) عطف تفسير و توضيح
إذ الكتاب حقّ و ما فيه حقّ و من حمله على رأيه فقد عطف الحقّ على هواه و جعل هواه
حقّا بتأويل ما. وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ
لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَ
(يؤمّن الناس من العظائم و يهوّن) في نظرهم (كبير الجرائم) بذكر الآيات الدّالة على
الوعد و الأحاديث المحصّلة للطمع و الرّجا كقوله تعالى:
قُلْ يا
عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً