إلى ذلك و لا تجد لذّة لذلك فأنت في ذلك
معذور لأنّك في يد هواك مغمور مقهور و الصّبي لا يعرف لذّة الملك و السّلطنة، و
إنّما لذّته في اللّهو و اللّعبة، فانّ هذه لذّة يختص بإدراكها الرّجال دون
الصّبيان و الأطفال، و المعرفة مختصّة بأهل الكمال و هم الّذين لا غرض لهم إلّا
اللَّه و هم رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا
بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ.
و لا يشتاق
إلى هذه اللّذة غيرهم، لأنّ الشّوق بعد الذّوق، و من لم يذق لم يعرف و من لم يعرف
لم يشتق، و من لم يشتق لم يطلب، و من لم يطلب لم يدرك، و من لم يدرك بقى مع
المحرومين في أسفل السّافلين.
في معالجة
الحسد الّذي هو من موبقات الذّنوب و من الأمراض العظيمة للقلوب، و الدّواء النّافع
له هو أن تعرف أنّه مضرّ عليك في الدّنيا و الدّين و غير مضرّ بالمحسود في الدّنيا
و الدّين، بل نافع له فيهما، و مهما عرفت هذا عن بصيرة و كنت صديقا لنفسك شفيقا
لها و لم تكن عدوّا و مبغضا لها فارقت الحسد لا محالة.
أمّا كونه
مضرّا عليك في الدّين فلما مرّ في الأخبار السّابقة من كونه سببا لسخط الجبّار و
آكلا للايمان أكل الحطب للنّار، بل الحاسد في الحقيقة ساخط لقضاء اللَّه و غضبان
على قدر اللَّه كاره للنّعم الّتي قسّمت بين عباد اللَّه، و حسده في الحقيقة
اعتراض على الخالق فيما منحه على الخلايق و ايراد على الحكمة و جناية على حدقة
التّوحيد، و فيه متابعة الشّيطان اللّعين و أوليائه من الكفّار و المنافقين حيث
إنّه حسد و قال: